مصر تعادي تاريخها.. وتحارب المقاومة ... بقلم : أحمد حاج علي

الإثنين 16 مارس 2015

مصر تعادي تاريخها.. وتحارب المقاومة

أحمد حاج علي


توترت العلاقة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والنظام المصري كثيراً خاصة بعد عزل الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، في الثالث من تموز/يوليو 2013 على يد الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي الذي أصبح رئيساً بعد الانقلاب على الشرعية المصرية، حيث باتت مصر في قبضة العسكر.

وكانت وسائل إعلام مصرية محسوبة على السلطة ومقرّبة منها اتهمت حركة حماس باقتحام السجون المصرية خلال ثورة يناير 2011 لتطلق سراح مرسي وعدد من قيادات الإخوان وبعض السجناء السياسيين. ثم اتهم الإعلام الحركة بالوقوف وراء تفجيرات استهدفت بعض المدن المصرية وخاصة سيناء، وبالقيام بعمليات عسكرية ضدّ الجيش المصري وحرس الحدود أدّت لمقتل وجرح العديد من أفرادهم.

وبعدها أقدم القضاء المصري على اتهام "كتائب القسام" الجناح العسكري لحماس باستهداف الجيش المصري وتمويل وتدريب بعض الجماعات المسلحة في سيناء، حتى أن القضاء المصري اتهم شهداء من حماس بالوقوف وراء العمليات، واتهم أيضاً أسرى فلسطينيين محكومين لعقود في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ومؤخراً أصدر القضاء المصري حكماً باتهام حركة حماس بأنها "منظمة إرهابية" بينما قام الاتحاد الأوروبي برفع اسم الحركة عن قائمة الحظر والإرهاب، وهو ما يدلّ على أن الاتهام مسيّس، وأنه جاء للهروب من الأزمات الداخلية المصرية، وللتغطية على حجم الفساد الهائل الذي يغرق فيه السيسي وعسكره، كما أثبتت كل التسريبات الصادرة من مكتب السيسي مؤخراً أنه ورجاله مجموعة مرتزقة تسعى فقط للكسب المادي والاغتناء الفاحش وليس لممارسة أي دور من شأنه أن يعيد لمصر مكانتها المعهودة في الوقوف بوجه الاحتلال ووضع حد لغطرسته.

وفي نظرة موضوعية على حكم السيسي، نجد أنه دفع مصر لأن تعادي تاريخها الذي زخر بمقارعة الاحتلال الإسرائيلي ومحاربته، وقدّمت خلاله مصر آلاف الشهداء والتضحيات من أبنائها دفاعاً عن الإنسان والأرض والمبادئ. فهو استكمل ما بدأ به الرئيس المخلوع حسني مبارك من هدم الأنفاق على حدود قطاع غزة، وإنشاء منطقة عازلة بعمق كيلومتر، وجدار فولاذي يمتد عشرات الكيلومترات، بهدف تدمير شريان الحياة الوحيد لمليون ونصف مليون إنسان يعانون الحصار، والحرمان، والكوارث الصحية والطبية والاقتصادية منذ سنوات، وقامت المروحيات العسكرية المصرية بالتحليق على علو منخفض في سماء غزة، وهو ما فُسّر على أنه ترهيب لأهالي القطاع، من أجل فرض الرؤية المصرية على حماس، خاصة في الفترة التي كانت ترعى فيها القاهرة اللقاءات الفلسطينية من أجل المصالحة الداخلية.

وفيما يبدو أنه استكمال لدور الاحتلال الإسرائيلي الذي قام بعزل قطاع غزة قبل أن ينسحب منه عام 2005، حين أقدم على تدمير وتخريب منشآت مطار غزة الدولي، وتدمير تجهيزات ميناء غزة التجاري إبان عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، تساهم سلطات السيسي في تحويل قطاع غزة إلى سجن كبير.

وخلال الحرب الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة (تموز/يوليو 2014)، قامت السلطات المصرية بعكس ما هو متوقّع منها، فأغلقت معبر رفح، وحرمت الجرحى والمرضى من مغادرة القطاع (ثلاثون ألف حالة إنسانية كانت بحاجة ماسة للسفر)، ومنعت آلاف الفلسطينيين من دخول غزة، وأبقتهم أياماً في المطار يتعرّضون لإهانات الأمن المصري، ورفضت السماح للقوافل والمساعدات الإغاثية بدخول غزة، وهو ما أدى لاستشهاد العديد من المرضى والجرحى، وإلى نقص حاد في الأدوية واللوازم الطبية، حيث إن 30% من الأدوية الأساسية أصبح رصيدها صفراً، و60% من مخزون الأغذية قد نفد، حسب تقرير للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا. ورفضت أيضاً إدخال مواد البناء اللازمة لإعمار آلاف البيوت المدمّرة، تاركة بذلك آلاف الأسر بلا مأوى.

أما عن دور السيسي في مفاوضات وقف النار خلال العدوان الصهيوني الأخير على غزة، فهو كان بحسب المراقبين يصبّ في مصلحة الجانب الإسرائيلي، حيث إنه تعمّد تأخير البدء في المفاوضات كي تطول الحرب، وأعلن عن اتفاقية لم يستشر فيها قيادة حماس، ولم يعرضها على أيّ من فصائل المقاومة ما دفع الجميع لرفضها. كما أنه رفض شروط المقاومة المتعلقّة بفتح المعابر بشكل كامل وفوري بما يضمن حرية مرور الأفراد ونقل البضائع، وكذلك بإنشاء ميناء بحري تجاري وتأهيل مطار غزة، وتبنّى المطالب الإسرائيلية بنزع سلاح المقاومة.

ويأتي قرار المحكمة المصرية يوم 28 شباط/فبراير الماضي باعتبار حماس "منظمة إرهابية" ليلخص علاقة السيسي بحركات المقاومة ضدّ العدو الصهيوني، ودور النظام المصري في المستقبل، ما دفع بالوطنيين والأحرار للقول إن مصر تقف بجانب المحتل الإسرائيلي. أما الإسرائيليون فتتلخّص نظرتهم إلى الرجل بمقالة للكاتب الإسرائيلي آفي يسخروف جاء في مقدّمتها "هكذا أثبت رئيس مصر عبد الفتاح السيسي أن هناك زعيماً واحداً في الشرق الأوسط يمكن مقارنته برئيس وزراء بريطانيا السابق وينستون تشرتشل- مكانه في القاهرة وليس في القدس. بالنسبة للسيسي، ليس هناك أقوال فقط، بل أيضاً أفعال. لقد أعلن الحرب على الإسلام الراديكالي حيثما كان- ليس فقط على الدولة الإسلامية" ( داعش) وامتداداتها، بل أيضاً جماعة الإخوان المسلمين وأذرعها".


جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية