معارضة مضطربة
د. يوسف رزقة
ماذا تريد المعارضة المصرية ؟ سؤال بسيط ولكن الإجابة عليه مضطربة عند المعارضة نفسها. في تصريح للمعارضة طلبت من مرسي وحزب الحرية والعدالة تشكيل حكومة من الإخوان حتى يتسنى للشعب الحكم على التجربة ولسحب الأعذار من حزب الحرية والعدالة الذي يقول بأن حكومة (قنديل) ليست حكومتنا، ولا يتحمل المسؤولية عن ضعف أدائها؟!.
وفي أحدث بيان للمعارضة صدر بعد احتفالات 25/1/2013، وبعد الحكم في قضية (بور سعيد، والاعتداء على الأهلي)، طالب البيان بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وبتشكيل لجنة محايدة للنظر في المواد الدستورية التي تطالب المعارضة بتعديلها، وإجراء انتخابات مبكرة لرئاسة الجمهورية، وإقالة النائب العام الجديد وغير ذلك من المطالب.
المطالب الأخيرة للمعارضة تتعارض تماماً مع مطلبها الأول بحكومة إخوان تتحمل المسؤولية مع الرئاسة، وهددت المعارضة بعدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية إذا لم يستجب رئيس الجمهورية لمطالبها. ومن هنا يمكن القول إن المعارضة المصرية لا تعرف طريقها المستقبلي معرفة جيدة، فهي تطالب بالشيء وبنقيضه في آن واحد. وهي تحاول أن تستثمر المشاعر الشعبية في أحداث بور سعيد لرفع سقف مطالبها، باتجاه محاولة إسقاط الشرعية الدستورية لرئيس الجمهورية.
المعارضة المصرية فشلت في معركة الرئاسة، وفشلت في معركة التأسيسية بالدستور، وفشلت في معركة مجلس الشورى، وفشلت في الحشد في احتفالات 25/1/2013م، وهي تخشى الفشل في انتخابات البرلمان القادمة، لذا تحاول أن تقطع الطريق على البرلمان القادم من خلال مطالب واشتراطات سياسية.
دعوة الاستقرار والالتفات إلى التنمية والاقتصاد تحاصر ولا شك جبهة المعارضة المصرية وهو أمر يدل على ذكاء التيار الإسلامي الذي يتبنى الاستقرار والعمل وبناء الدولة وهي المطالب الرئيسة لجموع الشعب المصري والجماهير المصرية، و تجرح المعارضة، وتحول المعارضة إلى معارضة نخبوية مثقفة تحسن الكلام والتحليل واللعب بالألفاظ والمشاعر وتتنقل من فضائية إلى فضائية دونما يكون لهذه النخبة أمل كبير في صندوق الاقتراع.
المعارضة المصرية المضطربة بنيويا وسياسياً تدعو إلى العودة إلى دستور 73 وتعديلاته في 2011، كبديل عن الدستور الجديد الذي حصل على تأييد 63% من أصوات المصوتين. دستور 73 يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات مطلقة، وتسمح له بالتفرد والديكتاتورية، فلماذا تطالب المعارضة بالعودة له ؟، وهي الجهة التي رفضت الدستور ورفضت التعديلات في 2011، وطالبت بوضع دستور جديد قبل الانتخابات البرلمانية.
موقف المعارضة الجديد من دستور 1973م ومطالبتها به مع علمها بأن الدستور الجديد يتفوق عليه ديمقراطيا، والقرار فيه شراكة مع الحكومة والبرلمان، ربما يعود إلى رغبة المعارضة بالمحافظة على التحالف مع فلول النظام البائد من خلال الاستجابة لشروطهم لأن الدستور الجديد فيه إقصاء لآلاف من قادة الحزب الوطني والفلول، حيث يعطيهم دستور 1973 حق الترشح والتصويت.
المعارضة في مصر مضطربة فهي تخوض معركة الصراع على السلطة، وتبدل مواقفها السياسية بحسب المستجدات، وتجعل من الفوضى طريقاً للصراع على السلطة وتخشى الانتخابات البرلمانية.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية