حمزة اسماعيل أبو شنب
أُعلن مجدداً عن معركة جديدة ضد الاحتلال هي معركة التطبيع الديني داخل المسجد الأقصى، من خلال الدعوة لزيارة المسجد الأقصى لدعمه في معركة مواجهة المحتل وتعزيز صمود أهل المدينة من خلال هذه الزيارات، ولا أدري من أين أو كيف سيدعم الجفري أو مفتي مصر اللذان قاما بدخول المسجد الأقصى تحت حماية الصهاينة وتحت حراستهم وفي ظل التنسيق،كيف سيدعمان الأقصى؟ وماذا قدم كلاهما للمسجد الأقصى في مثل هذه الزيارة سوى تعزيز موقف الصهاينة ودعم خطتهم في السيطرة على المسجد الأقصى، وتقديم صورة بأن دولة الكيان هي نموذج يحتذى به في التعايش مع الأديان، وأنهم لا يمنعون أحداً من المعتدلين _ حسب تصنيفهم _من زيارة المسجد الأقصى!.
هذه إحدى المعادلات الناتجة عن زيارتهما؛ معادلة التصنيف الديني بين الشيوخ، فهذا شيخ ينبذ "الإرهاب" والآخر "إرهابي"؛ فكيف يسمح للجفري ومفتي مصر بزيارة المسجد الأقصى ويمنع شيخ الأقصى من دخوله وهو ابن فلسطين ولا يبعده عن المسجد الأقصى إلا بعض الكيلومترات ؟ كيف يسمح لهم بالزيارة وآلاف الفلسطينيين من أهل الضفة الغربية يمنعون من أداء الصلاة فيه ؟ كيف يسمح لهم بالزيارة وأهل القطاع محرومون من زيارة أبنائهم المعتقلين في السجون الصهيونية منذ خمس سنوات ؟ فما بالكم بزيارة المسجد الأقصى حيث يمنع كافة أبناء قطاع غزة من زيارته ؟
سؤال آخر قد نسأله لمن يدعون إلى زيارة القدس والأقصى وإلى من زارها وسيزورها لاحقاً؛ لماذا منعت دولة الكيان بعض المتضامنين الأوروبيين والغربيين من الذهاب إلى فلسطين ضمن حملة "أهلاً بكم في فلسطين" ومن الصعود للطائرات وشنت عليهم حملة شرسة حتى حصلت على قرار من شركات الطيران في العديد من البلدان بعدم صعود المتضامنين القائمين على الحملة من مطاراتهم وبالفعل منعتهم هذه البلدان؟.
ما تقوم به السلطة اليوم في رام الله وبتنسيق مع بعض الدول العربية هو استباق لمرحلة جديدة من التنازلات ناهيك عن تسويق أفكار جديدة عبر التطبيع الديني مع الاحتلال ضمن الحملة الممنهجة التي تقوم به السلطة وبالتنسيق والتعاون مع الاحتلال، وهذا ما ينسجم تماماً مع الوثائق التي كشفتها قناة الجزيرة قبل عام، فالحديث عن المفاوضات والحلول السياسية مؤجل، في المقابل هناك خطوات ومفاوضات لا تتوقف عبر التعاون الأمني بين الطرفين، وأصبح هذا الملف معزولاً عن الملف السياسي، كما أن الملف الاقتصادي والتنسيق فيه معزول عن الملف السياسي، والخطوة الجديدة هي جعل التنسيق لمثل هذه الزيارات منعزلاً عن الملف السياسي، وهكذا الخطوات تتلاحق على الأرض ثم يسوّقوا بأن المفاوضات متعثرة لأنهم لا يريدون التنازل، في حين الخطوات على الأرض مختلفة تماماً عن الأقوال في الصحف وشاشات الفضائيات.
بالرغم من هذه الخطوات لا أعتقد بأن مثل هذه الزيارات ستغير موقف العالم العربي والإسلامي من القضية الفلسطينية ومن المسجد الأقصى، بل على العكس سيدخل أصحابها قائمة الخزي والعار، فما فشل المخلوع مبارك فيه خلال 30 عاماً من محاولات التطبيع لن ينجح فيه مفتي مصر ولن يغيير الصورة، ولكن رغم ذلك المطلوب مواقف أكثر حزماً من قبل العلماء.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية