مفهوم الإسلام السياسي
د. يوسف رزقة
الإسلام السياسي، مصطلح غير دقيق يطلق على الجماعات والتيارات والمفكرين المسلمين الذين يعملون بنشاط وحيوية من أجل تقدم الإسلام إلى الحكم، بعد أن اغتصب العلمانيون والليبراليون واليساريون الحكم في الوطن العربي والبلاد الإسلامية منذ عشرات السنين.
العبارة خاطئة وغير دقيقة لأنها تقسم المسلمين إلى قسمين قسم يشتغل بالسياسة، وقسم يشتغل بالعبادة ولا يشتغل بالسياسة، وفي هذا القول تجزئة غير دقيقة لمفهوم الإسلام الذي يؤمن به الجميع فالإسلام دين ودولة، ومن أراد السنة والاتباع فعليه أن يأخذ بالإسلام في مفهومه الشامل.
الإسلام السياسي، فكرة ومصطلح هو من صناعة الليبراليين واليساريين العرب وغير العرب، وأهدافه غير نبيلة، لأنه ينطلق من قاعدة التفريق والتجزئة لا من قواعد الوصف البحثي والعلمي؛ لذا فأنت حين تتابع المشهد السياسي في مصر في ظل مرسوم محمد مرسي، أعني الإعلان الدستوري تجد أن جل المداخلات، والبرامج الحوارية التي تشغل مساحة واسعة من فضائية (صدى البلد) وفضائية (العربية) و فضائيات أخرى ، تهاجم الإسلام السياسي من حيث المبدأ، وتجعله كله في موضع المتهم، وتكيل له السباب، وتحاصره بالإشاعات والافتراءات التي يرجع بعضها إلى نشأة الإخوان المسلمين في عام 1928، ولا تكاد تجد فيها انتقادًا علميًا أو موضوعيًا لنصوص الإعلان الدستوري ومضامينه، ومشروعيته القانونية.
أعداء التيار الإسلامي لا يكرهون الإسلام السياسي فحسب، بل هم يكرهون الإسلام نفسه، أو قل المتدينين والملتزمين بالإسلام نفسه، وجل هؤلاء الكارهين للإسلام السياسي عندهم مخالفات واضحة وانحرافات بينة في الواجبات التي أوجبها الإسلام على كل مسلم ومسلمة. وهؤلاء يهاجمون مرسي، والإخوان والسلفيين ويهاجمون حماس، والجهاد الإسلامي، والقاعدة، وأنصار الشريعة، ويهاجمون التجربة السودانية، والتونسية، والأردنية، والمصرية، والجزائرية، وربما رجعوا بالهجوم إلى الخلافة العثمانية، والعباسية.
العلمانيون الليبراليون واليساريون المتنفذون في وسائل الإعلام وفي مؤسسات الدولة العميقة، يفضلون (إسرائيل) على الإخوان، ويفضلون أحمد شفيق على محمد مرسي، ويفضلون حكم العسكر على الحكم المدني، ويفضلون الفراغ الدستوري، والفراغ في مؤسسات الدولة، على تأسيس الدولة المدنية واستكمال دستورها، واستكمال مؤسساتها، وهؤلاء وإن كانت أعدادهم قليلة ، إلا أن ألسنتهم طويلة، ولهم سند مالي وإعلامي وسياسي خارج الحدود، و من أسف أن ثمة دولاً عربية متورطة في هذه المعركة سواء في الساحة المصرية، أو في ساحة غزة في أثناء العدوان الأخير.
الإسلام واحد وشامل، ولا يوجد إسلام سياسي وغير سياسي، والموجود إسلام واحد، وخصوم كارهون له فقط.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية