مقاومة لكلّ الفصول!
لمى خاطر
لم تكن لازمة فقط لتعيد للمسار صوابه، وللقضية بريقها، وللقلوب يقينها، ولا لتختبر مرحلة التطور والبناء التي أعقبت حرب الفرقان، ولا لتقول للمرجفين الذين نهشوا لحمها: هذا صنيعي، وأولئك آبائي، بل كانت تلزم أيضاً لتبرهن للأمة كلّها أن أصل الصراع هنا؛ مبتداه ومنتهاه، ودوام اشتعاله، وأن حسابات الجبهة الغزية قد تضيق أمام كلّ شيء لتنفسح أمام وهج القتال، فهو وحده متلازمة حياتها الدائمة!
ثمانية أيام، قصيرة جداً في عمر الحروب التي تطحن أعمار الأجيال وتغيّر معالم المراحل، لكنها كانت طويلة بما يكفي لإعادة تركيب قطع الوعي المقاوم، يومَ ظنّ نفر من الناس أن الإعداد كان مسكّن آلام، وأن الفارس يطلب التهدئة ليستجمّ أو يرخي لجام خيله، وأن السلطة أحبّ إلى شاغليها من التقرّب لله بالدماء.
ثمانية أيام، لا تكفي قطعاً لصياغة وعي جديد، لكن أقلّ منها يلزم فقط لتبديد الوهم، الذي كان مسنوداً بدعائم التضليل، ولذلك كانت حرب السجيل محطة خاطفة لكنها صنعت جبالاً من اليقين، والاعتزاز، والثقة الدائمة بالعيون التي لا تنام، والعزائم التي لا تنفكّ تزجي لفلسطين مفاجآتها!
ماذا يعني أن يتابع عجوز ثمانيني مشاهد سقوط صواريخ فلسطينية قادمة من غزة إلى تل أبيب؟ وهو الذي خبِر انكسار قلوب الرجال يوم أمحلت البلاد من السلاح فاغتصبها المحتل، وفرّ الرجال ليصونوا ما تبقى من شرف، ثم ليدمنوا التحديق في تقلبات مسرح الانتظار الطويل!
وماذا يعني أن تظلّ غزة الجبهة العربية الوحيدة المشتعلة في وجه إسرائيل حتى وهي تكابد الحصار، وتسامر الظلام، وتغمر شوارعها المياه العادمة، فيما ترقد النوارس على ضفاف بحرها وقد غزت مشاهد الدمار حدقاتها؟!
ثم ماذا يعني ألا تنسحب التهدئة المبرمة عقب حرب تلك الأيام على إمضاء السلاح وشحذ البنادق، لتكشف الأرض بعدها عن نفق امتد من قلب الأرض المحررة إلى الأرض المحتلة، ولتتكلم (بوابة المجهول) بلسان حال مثيري نقع المعارك، ومرابطي الجبهات العنيدة، والعصية على إعادة الاستلاب؟!
كلها تعني أشياء كثيرة دون شك، أهمها أن في غزة مقاومة لكلّ الفصول، وأن راية الجهاد في فلسطين مصانة، وأنها في ساحة غزة تتنفّس كرامة، لأنها رأس مال أهلها الوحيد، بعد المرابطة والصمود على وجع الإنهاك وطعم المرارة، وأن من لمس بركاتها وتفيّأ ظلال عزتها لا يمكن أن يستبدل بها المسارات الموحشة والمجدبة.
مقاومة لكلّ الفصول، تعني أن استباحة المارقين دمها في ساحات أخرى لن ينهك روحها حتى وإن أردى قوامها، وأنها إرادة ويقين قبل كلّ شيء، وأن تلازمها مع التخطيط وحسن الإدارة سيتكفّل بصياغة المفاجآت كل حين، وجلب العزاء إلى قلوب المكلومين، وإعادة الثقة لمن فُجعوا بطول أمد الاحتلال!
حجارة السجيل كانت محطة، ولم تكن معركة حاسمة، وستتلوها محطات أخرى، تتقارب أو تتباعد زمنيا، لكنها بإذن الله ستظلّ تترجم كفاءتها ونماءها وبراعة جنودها، ففي ساحة تُنبت المقاتلين كما القمح لا مكان لاستجداء الهدوء على حساب الكرامة، بل لفرضه بحدّ السيف، وللبقاء في حالة استنفار واستعداد غير مرئية، إلا لمن يصوغون ميثاق الحرية بعيداً عن الضوضاء وصخب التساؤلات وضجيج التشكيك!
لمى خاطر
لم تكن لازمة فقط لتعيد للمسار صوابه، وللقضية بريقها، وللقلوب يقينها، ولا لتختبر مرحلة التطور والبناء التي أعقبت حرب الفرقان، ولا لتقول للمرجفين الذين نهشوا لحمها: هذا صنيعي، وأولئك آبائي، بل كانت تلزم أيضاً لتبرهن للأمة كلّها أن أصل الصراع هنا؛ مبتداه ومنتهاه، ودوام اشتعاله، وأن حسابات الجبهة الغزية قد تضيق أمام كلّ شيء لتنفسح أمام وهج القتال، فهو وحده متلازمة حياتها الدائمة!
ثمانية أيام، قصيرة جداً في عمر الحروب التي تطحن أعمار الأجيال وتغيّر معالم المراحل، لكنها كانت طويلة بما يكفي لإعادة تركيب قطع الوعي المقاوم، يومَ ظنّ نفر من الناس أن الإعداد كان مسكّن آلام، وأن الفارس يطلب التهدئة ليستجمّ أو يرخي لجام خيله، وأن السلطة أحبّ إلى شاغليها من التقرّب لله بالدماء.
ثمانية أيام، لا تكفي قطعاً لصياغة وعي جديد، لكن أقلّ منها يلزم فقط لتبديد الوهم، الذي كان مسنوداً بدعائم التضليل، ولذلك كانت حرب السجيل محطة خاطفة لكنها صنعت جبالاً من اليقين، والاعتزاز، والثقة الدائمة بالعيون التي لا تنام، والعزائم التي لا تنفكّ تزجي لفلسطين مفاجآتها!
ماذا يعني أن يتابع عجوز ثمانيني مشاهد سقوط صواريخ فلسطينية قادمة من غزة إلى تل أبيب؟ وهو الذي خبِر انكسار قلوب الرجال يوم أمحلت البلاد من السلاح فاغتصبها المحتل، وفرّ الرجال ليصونوا ما تبقى من شرف، ثم ليدمنوا التحديق في تقلبات مسرح الانتظار الطويل!
وماذا يعني أن تظلّ غزة الجبهة العربية الوحيدة المشتعلة في وجه إسرائيل حتى وهي تكابد الحصار، وتسامر الظلام، وتغمر شوارعها المياه العادمة، فيما ترقد النوارس على ضفاف بحرها وقد غزت مشاهد الدمار حدقاتها؟!
ثم ماذا يعني ألا تنسحب التهدئة المبرمة عقب حرب تلك الأيام على إمضاء السلاح وشحذ البنادق، لتكشف الأرض بعدها عن نفق امتد من قلب الأرض المحررة إلى الأرض المحتلة، ولتتكلم (بوابة المجهول) بلسان حال مثيري نقع المعارك، ومرابطي الجبهات العنيدة، والعصية على إعادة الاستلاب؟!
كلها تعني أشياء كثيرة دون شك، أهمها أن في غزة مقاومة لكلّ الفصول، وأن راية الجهاد في فلسطين مصانة، وأنها في ساحة غزة تتنفّس كرامة، لأنها رأس مال أهلها الوحيد، بعد المرابطة والصمود على وجع الإنهاك وطعم المرارة، وأن من لمس بركاتها وتفيّأ ظلال عزتها لا يمكن أن يستبدل بها المسارات الموحشة والمجدبة.
مقاومة لكلّ الفصول، تعني أن استباحة المارقين دمها في ساحات أخرى لن ينهك روحها حتى وإن أردى قوامها، وأنها إرادة ويقين قبل كلّ شيء، وأن تلازمها مع التخطيط وحسن الإدارة سيتكفّل بصياغة المفاجآت كل حين، وجلب العزاء إلى قلوب المكلومين، وإعادة الثقة لمن فُجعوا بطول أمد الاحتلال!
حجارة السجيل كانت محطة، ولم تكن معركة حاسمة، وستتلوها محطات أخرى، تتقارب أو تتباعد زمنيا، لكنها بإذن الله ستظلّ تترجم كفاءتها ونماءها وبراعة جنودها، ففي ساحة تُنبت المقاتلين كما القمح لا مكان لاستجداء الهدوء على حساب الكرامة، بل لفرضه بحدّ السيف، وللبقاء في حالة استنفار واستعداد غير مرئية، إلا لمن يصوغون ميثاق الحرية بعيداً عن الضوضاء وصخب التساؤلات وضجيج التشكيك!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية