مليونية العزة.. لغزة
علاء الدين البطة
أوشك المواطن الفلسطيني أن يطوي شهره الثاني في ظل أزمة بل أزمات تبدو مصطنعة ومتلاحقة، فالأزمة بدأت بنقص بسيط في الوقود القادم عبر الأنفاق على الحدود المصرية وتحديدًا في نهاية يناير الماضي، وكانت هناك قراءات عديدة للمشكلة جميعها تقلل من شأن ذلك بل واعتبرت أن ذلك يتأتى في السياق الطبيعي لحالة الإنفاق-غير الطبيعية– ثم ما لبثت أن ازدادت وتيرة الأزمة وبدأت تنعكس على المواطن الفلسطيني في قطاع غزة ثم فجأة تصاعدت الأزمة بوتيرة متسارعة لينعكس ذلك على الكهرباء لتعلن محطة توليد الطاقة الوحيدة واليتيمة في قطاع غزة عن البدء التدريجي في توقف مولداتها الأربعة عن العمل وصولاً إلى التوقف الكامل للمحطة في منتصف فبراير الماضي بالتزامن مع اشتداد أزمة الوقود ودخولها مرحلة الخطورة.
وبالفعل عادت الطوابير الطويلة لتصبح نمطا يومياً حزيناً على أبواب محطات الوقود على طول قطاع غزة وعرضه في مشهد مؤثر يعود بالذاكرة إلى معاناة عام 2008م حينما شهد قطاع غزة أزمة وقود حادة جداً دفعت بالمواطنين لاستعمال الزيوت النباتية كبديل غير صحي لوقود السيارات حتى يتمكن المريض من الوصول إلى مشفاه والطفل لروضته وحضانته والطالب لجامعته.
الملاحِظ للأزمة يرى أنها تسير في مسارات ثلاثة وبصورة متوازية: الأول؛ توقف الوقود مما يشكل كارثة إنسانية كبيرة لآلاف المرضى والمسنين والنساء وعشرات الآلاف من الطلاب والأطفال.
أما المسار الثاني؛ فهو توقف كامل لمحطة توليد الطاقة كنتيجة مباشرة لذلك وخصوصاً أن ذلك يترافق مع حالة من البرد القارس التي لم يشهدها قطاع غزة منذ عشرات السنين.
بينما المسار الثالث؛ هو أزمة غاز الطهي التي بدأت تطل علينا منذ بداية شهر مارس -الحالي- فقط، حيث إن (إسرائيل) ومنذ أكثر من عامين تلتزم بتوريد معظم احتياجات قطاع غزة من الغاز والذي يقدر بـ250 طنًا من الغاز بصورة يومية إلى قطاع غزة إلا أنها وبعيد اندلاع أزمة الوقود بدأت في تقليص الكميات لتصل إلى أقل من 70 طنًا فقط في ظل احتياج متصاعد بسبب أزمة البرد القارس من جهة وأزمة انقطاع الكهرباء من جهة أخرى..
وعليه فإن الناظر للمشهد يتوقف أمام ثلاثة أطراف للمؤامرة: الأول؛ (إسرائيل) التي هي دولة احتلال حسب القانون الدولي الذي يلزمها بتوفير كافة احتياجات المواطنين السكان وبدلاً من ذلك فإنها ترفض الالتزام بذلك بل تقلص كميات الغاز الواردة إلى القطاع لنحو ربع الكمية المطلوبة وترفض زيادة كمية الكهرباء الواردة عبرها والتي لم تزد منذ عشرين عامًا.
ثانياً؛ أطراف سياسية نافذة في مصر وذات أجندات خاصة ولعلها بقايا النظام السابق في مصر التي تنتهج نفس السياسة العدائية السابقة تجاه قطاع غزة والتي ترمي إلى إفشال حكم حركة حماس في قطاع غزة وقد يكون من أهدافها أيضاً تصفية حسابات سياسية مع الإخوان المسلمين في مصر من أجل ممارسة مزيد من الضغوط عليهم.
الثالث؛ السلطة في رام الله التي من الواضح أن الأزمة ليست بعيدة عنها وأن أطرافًا وازنة ومهمة فيها تضغط من أجل التأثير على حماس بغية إسقاط حكمها في غزة أو الحصول على تنازلات إضافية منها في موضوع المصالحة وحكومة أبومازن الجديدة التي يراد لها أن تولد على أنقاض معاناة كبيرة لأهل غزة، فتظهر هذه الحكومة بصورة المنقذ.
وعليه فإننا يجب أن نعمل على طرق كل الأبواب وتكسير كل الحواجز ومناشدة كل القلوب الحية من أبناء أمتنا الماجدة والتي تعيش ربيعًا عربيًا خالصًا يجهد في رسم طريق الخلاص للأمة أجمع.
لذا فإننا نخاطب فيكم في كل ميادين الخلاص والتحرير- وفي مصر الحبيبة على وجه التخصيص- و التي وقفت تتحدي القهر والظلم وهتفت بملء حناجرها لفلسطين وللقدس ولغزة من أجل الدعوة إلى مليونية النصرة لأهل غزة التي يحرم أهلها الكهرباء والوقود وتفرض عليهم المعاناة والظلام فيما تضاء المدن الإسرائيلية بالغاز المصري المدعوم من قوت المواطن المصري البسيط.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية