من أزقة إلى أزقة جديدة ... بقلم : د. يوسف رزقة

الإثنين 23 يونيو 2014

من أزقة إلى أزقة جديدة

د. يوسف رزقة

قيل لنا: إن حكومة التوافق ستنهي الانقسام، وستفتح الطريق أمام العمل الوطني المشترك في قضايا الوطن الكبيرة كالقدس والاستيطان والأسرى، غير أن هذا الهدف لم يلامس الواقع حتى الآن، بل دخلنا في أزقة جديدة، كزقاق الراتب. وتفاصيل الاتفاق بها أزقة أخرى تمتلئ بالاجتهادات المتباينة، لا سيما بعد عثرة، أو قل عثرات البداية.

بالأمس, قال رامي الحمد الله: إنه لا يستطيع دفع رواتب غزة لأن موازنة حكومته تعاني من عجز مالي قدّره (1,8) مليار دولار!! وأنا أشك في المبرر الذي قدمه الحمد الله، لا لأن العجز غير موجود، ولكن لأن العجز كان معلومًا لرامي الحمد الله رئيس وزراء الحكومة السابقة، ورئيس حكومة التوافق الحالية قبل توقيع اتفاق المصالحة. وكان بإمكانه أن يقرع آذان المجتمع بتصريحه هذا قبل التوقيع. حماس أخذت تطمينات واضحة من عزام وغيره بصرف رواتب الموظفين، ومن لا يستطيع كان عليه أن يتحلى بالشجاعة، ويقول للطرف الآخر: لا أستطيع في حينه، حتى توقع الأطراف على بينة، وحتى لا تعود الأطراف الوطنية إلى الأزقة التي قررت الخروج منها بالمصالحة.

لا أعتقد، ولا أصدق، أن السبب هو عجز الموازنة، وأعتقد أن السبب سياسي بامتياز، ولأنه سياسي ولا أخلاقي، يفرون منه إلى العجز المالي، ولو كان السبب الحقيقي هو العجز المالي فإن خبراء المال لديهم حلول متوازنة، وموزونة، يمكنها أن ترضي جميع الموظفين في الضفة وغزة، ولأنه سبب سياسي ومركزه الشرعيات، نقضت حكومة الحمد الله يدها من الحلول الفنية المالية، ولم تقرر مساواة موظفي غزة بالضفة أو بالمستنكفين. وهنا أتحدى الحمد الله رئيس الوزراء أن يقرر على الورق ( مبدأ المساواة، ومبدأ الحقوق المستحقة للجميع)، وعندها فقط تكون المشكلة مالية فنية. أما أن تجد الحكومة مالاً للمستنكفين ، ولا تجد مالاً لموظفي غزة الذين حملوا عبء المجتمع على مدى سبع سنوات متواصلة، فهذا لا يعقل ولا يصدق.

ليس هناك داعٍ للمناورة بعد أن جلا الواقع المواقف، وكشف عما كان غامضًا، ومن لا يتحمل حقوق الموظفين، لا يجدر به قيادة حكومة التوافق، لأن لحكومة التوافق استحقاقات معلومة وواضحة. ومن يريد التملص من اتفاق المصالحة واستحقاقات حكومة التوافق، عليه التحلي بالشجاعة ومصارحة الشعب، والتوقف عن التخفي والتقنع بأقنعة بالية، لأن الآلام أكلت القدرة على الصبر، ولم يعد للساسة مصداقية عند جموع المتألمين، وبعض المتألمين يترحمون على الانقسام، لأنهم كانوا يجدون راتبًا، أو نصف راتب، وكانوا يعملون في قضايا الوطن الكبيرة بقدر ما يستطيعون، وقد تحملوا حربين كبيرتين في أيام الانقسام. وهم الآن غير قادرين على شراء طعام أولادهم بالدين، لأن التاجر أبطل البيع بالدين على كفالة الراتب، لأن الراتب دخل في المجهول.

الأصل في اتفاق المصالحة، وحكومة التوافق، هو العودة إلى الاشتغال بقضايا الصراع مع المحتل، ولكن شيئًا من هذا لم يحدث، وعدنا للأزقة الداخلية الجديدة على نحو هو أسوأ من قبل. وفي ذلك أخطار جديدة على المجتمع، لذا وجب التنبيه.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية