من المسؤول عن أزمة الكهرباء والوقود؟!...بقلم : د. أيمن أبو ناهية

السبت 24 مارس 2012

من المسؤول عن أزمة الكهرباء والوقود؟!

د. أيمن أبو ناهية

البعض من الناس يتذمرون من أزمة الكهرباء والوقود التي حلت بقطاع غزة ويلقون المسؤولية على عاتق الحكومة ومعها البلديات وشركة الكهرباء وكأن الحكومة هي التي افتعلت هذه الأزمة، أو أنها راضية عنها، أو أنها تملك الوسائل والخيارات ومتمنعة لحلها! ورغم وضوح المسألة لدى الجميع بأن الحكومة تبذل كل ما في وسعها لحل الأزمة بإيجاد البدائل المناسبة، إلا أنهم يفتعلون الإشاعات والأكاذيب لتهيج المواطنين على أنها "كلمة حق يراد بها باطلا".

فقبل حدوث هذه الأزمة الكل شهد للحكومة في غزة بجهودها العظيمة، التي لا تدخر جهدا في سبيل توفير سبل الراحة لكافة المواطنين حتى في ظل الحصار الذي لا زال جاسما على صدورنا ولم يكتب اجله بعد، وأننا تحدينا مع الحكومة هذا الحصار بصبر وقوة الأيمان واستطعنا أن نتغلب عليه ونهزم حراسة، ولكن آثاره للأسف مازالت متبقية في العقول والنفوس الضعيفة من المنافقين والمتآمرين الذين يلفقون التهم الباطلة للحكومة.

والحقيقة أن حكومة غزة لم تترك بابا في هذا الصدد إلا وقد طرقته وناشدت كل أصحاب الضمائر الحية وطالبت بحل عاجل لازمة الكهرباء والوقود، لتخفيف معانة أهالي قطاع غزة من تبعات هذه الأزمة، وقد حصلت الحكومة على وعود من جهات عديدة عربية وإسلامية بإيجاد حلول جذرية لازمة الكهرباء حيث وعدت بعض الدول على رأسها قطر وإيران والجزائر لإمداد القطاع بالوقود، كما استعدت دول عربية وإسلامية أخرى بحل مشكلة الكهرباء في القطاع حلا جذريا بما يسمى بالربط الثماني والربط القطري والربط الإقليمي..الخ وكلها وعود ونحن في انتظار هذه الوعود.

كذلك وعود الجانب المصري التي لا تنفذ بعد، فرغم الاتفاقات التي وقعتها الحكومة مع الجانب المصري بالسماح لإدخال الوقود اللازم لمحطة توليد الكهرباء في غزة، وقد حولت الحكومة للجانب المصري الدفعة الأولى بمبلغ 2 مليون دولار من أصل 6 ملايين ثمن إمداد الوقود اللازم للمحطة، وهي ملتزمة بتحويل المبلغ كاملا إذا صدقت النوايا المصرية، إلا أن الحكومة المصرية المتمثلة بالمجلس العسكري تماطل بالوعود، فتارة ترفض إدخال الوقود عن طريق معبر رفح الحدودي وتريد إدخاله فقط عن طريق معبر كرم أبو سالم الخاضع للاحتلال، وتارة تربطها بالمصالحة، وتارة تربطها بدفع ثمن الوقود مقدما، وتارة تربطها بأوضاعها الداخلية، وتارة أخرى تعلق الأزمة على شماعة جامعة الدول العربية..الخ وكلها عراقيل ومماطلات بوضع "العربة امام الحصان" كي تزيد من معاناة أهالي غزة.

فكل هذه الأسباب غير مقنعة وإنما الأمر غير ذلك، حيث تبين أن هناك اتفاقا سريا كشف النقاب عنه مؤخرا من خلال بيان منشور لحركة فتح بين قيادة المجلس العسكري المصري ورئيس السلطة باستغلال أزمة الوقود والكهرباء واستعمالها كورقة ضغط لابتزاز الحكومة في غزة والنيل من صمودها في مواجهة الحصار وجرها إلى الخضوع لشروط ومطالب سياسية تعجيزية من اجل المماطلة والتسويف وإطالة أمد الأزمة والزيادة في المعانة وليس حلها، وربما الهدف الحقيقي من وراء هذا إفشال جهود المصالحة وإجهاض حكومة الوفاق المفترض تشكيلها والتي لم ترى النور حتى اللحظة بسبب مماطلة رئيس السلطة للرجوع إلى المفاوضات من جديد التي تعد رأس مال سلطة أوسلو.

وقد اثبت صحة ضلوع السلطة في أزمة الكهرباء والوقود هو ما صرح به رئيس سلطة الطاقة في رام الله عمر كتانة بان سبب عدم إدخال الوقود لغزة ترجع إلى مشكلة سياسية مرهونة باتفاقيات السلطة مع الاحتلال القاضية بعدم استخدام معبر رفح لإدخال الوقود. انه هراء ما بعده هراء، فكم هذه الاتفاقيات عظيمة عند سلطة أوسلو وكم هي مذلة لشعبنا، فرئيس سلطة الطاقة لا يخجل من نفسه حين يتبجح بهكذا تصريح وكأنه يتحدث باسم الاحتلال, وهو يرى حجم معاناة ومأساة القطاع جراء هذه الأزمة، فالمستشفيات والعيادات أصبحت عاجزة تماما عن إنقاذ حياة المرضى وقد سجلت حالات وفاة كثيرة وإضعافهم أصبحوا مهددين بالموت، وسيارات الإسعاف والدفاع المدني والشرطة والمواصلات بشكل عام أصابها الشلل الكامل، والمدارس والجامعات تعطلت، والمصانع والمخابز توقفت عن العمل، والمحلات التجارية أقفلت أبوابها والبضائع فسدت والتجارة كسدت..الخ.

بالفعل إن الأزمة مسييسة منذ البداية وتقف السلطة مع الاحتلال على رأسها بهدف تشديد الحصار الخانق على أهالي غزة، لإجبار حكومتها على الوقود الإسرائيلي بسعر 2 دولار للتر الواحد حتى لا تفقد السلطة حصتها من كعكة الضريبة المضافة بقيمة 30 مليون دولار شهريا، وقد زادهم الأمر غيظا حين نجحت الحكومة في إيجاد بديل للوقود الإسرائيلي للتقليل من قيمة المصروفات على الوقود بهدف التخفيف على المواطنين. فالسلطة هي المسؤول الأول والأخير عن هذه الأزمة، وإلا لماذا ترفض دفع القسط المقطوع من رواتب موظفين غزة المخصصة لتمويل المحطة، في حين أن حكومة غزة تساهم بالقسط الأخر؟ ولماذا تحتكر السلطة لنفسها أموال الاتحاد الأوروبي المخصصة لهذا الغرض، حيث توظف هذه الأموال في التغطية على العجز المالي لديها؟.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية