نحن لا نحترم نتائج الانتخابات
د. عبد الستار قاسم
أيهما أهم على الساحة العامة قومية كانت أو وطنية أو إسلامية: تحقيق رغباتي أم الالتزام بالمبدأ؟ وأيهما يقود إلى الصراع على المستوى العام: التمسك بالمبدأ أم الدفاع عن الرغبات؟
لا يوجد لدي شك بأن التنظيمات الإسلامية بثوبها الفكري القائم تستطيع ممارسة الحكم بنجاح، أو أنها تستطيع إدارة الشؤون العامة بنجاح. وقد سبق أن كتبت مرار بهذا الشأن وقلت إن السبب في ذلك أن الحركات الإسلامية تفهم الدين على أنه كمّ فقهي يراقب سلوك الفرد من زاوية الحلال والحرام، ولا تفهمه على أنه فكر يمكن ترجمته إلى سياسات تهتم بكليات تنظيم المجتمعات والدفع بها إلى الأمام. إنها تهتم بقضايا ثانوية يمكن أن يكون لها معنى على مستوى فردي، لكنها لا تشكل أرضية للنهوض بأمة، وتنظيراتها تتعلق كثيرا بالممارسة الكهنوتية وليس بالممارسة العملية البنائية.
لكن الانتخابات تبقى هي الفيصل فيمن يحكم ويدير شؤون الناس إذا اخترنا النظام الديمقراطي وآلية الانتخابات لاختيار المسؤولين التنفيذيين والتشريعيين. على امتداد الوطن العربي، ملايين الناس تنادي بتطبيق الديمقراطية واعتماد الانتخابات كمنبع لشرعية الحكم، وهم في ذلك يتطلعون إلى نجاح التجربة الغربية كشاهد على إمكانية نجاح العرب في الخروج من الظلم والاستبداد والفساد. وهناك مئات بل آلاف المنظمات غير الحكومية العربية التي تنادي كل يوم بضرورة تطبيق الديمقراطية، وتعتبر أن هذه المسألة جوهر رسالتها من أجل تحرير الإنسان العرب.
بالرغم من ذلك، نحن العرب لم نحترم نتائج الانتخابات في الجزائر وكانت النتائج مقتل عشرات آلاف المواطنين، وإلحاق أضرار كبيرة في المنشآت العامة والخاصة.
وفي الضفة الغربية وغزة لم نحترم نتائج الانتخابات وكانت النتيجة مقتل المئات والانقسام، وقيام الأجهزة الأمنية الفلسطينية بملاحقة الفلسطينيين أمنيا وفي لقمة عيشهم.
والآن جاء دور مصر، ونرجو ألا يحصل اقتتال ونزيف دماء.
وهناك أصوات في تونس تريد أن تتجاوز نتائج الانتخابات.
كنت أرى في الدكتور محمد مرسي رئيسا غير ناجح وغير شجاع، ولم أره يملك رؤية أو فلسفة واضحة في كيفية الإدارة والحكم. وقد ارتكب خطايا فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة، وطلب القروض من الصناديق الدولية، وقطع العلاقات مع سوريا، ورفض إقامة علاقات مع إيران. وارتكب خطايا في أنه لم يلاحق الفاسدين داخل مصر، ولم يقم بما يجب من أجل الحفاظ على تدفق مياه النيل، وانحاز لصالح جماعته في التعيينات الحكومية. لم يقم مرسي بخطوات تجمع شعب مصر حوله، وركز على خطوات تعزز مكانة الإخوان المسلمين.
لكن كل هذا لا يبرر رفض نتائج الانتخابات لما في ذلك من أخطار قد تعرض مصر وشعبها ووحدتها للخطر. كان من المفروض ألا ينظر إلى المسألة من زاوية ظرفية حكمتها التظاهرات الجماهيرية الواسعة، وإنما من زاوية التداعيات المستقبلية التي يمكن أن تترتب على تنحية مرسي واحتجازه. لقد تغلبت العقلية القبلية العربية على محاولة نسخ النظام الديمقراطي الغربي.
لقد أخطأ مرسي في عدم تقديم حل يخرج مصر من الأزمة، وأخطأ خصومه في أنهم استمروا في رفض الحوار بصورة مطلقة.
إذا كنا نحن العرب نبحث عن النجاح، فإن علينا أن نقدم المبدأ على المصالح الخاصة والرغبات، وإلا فإن مرحلة عدم الاستقرار على الساحة العربية ستطول، وسندفع جميعا ثمنا باهظا تبعا لذلك. ومن المهم أن ندرك أن الانتخابات سيف مسلط على رقبة الحاكم، وهي الآلية التي تبعده عن الحكم إن لم يصنع خيرا أثناء حكمه.
هذا علما أنني أعي مقدار الزيغ الذي تعاني منه الديمقراطية الغربية في المحافظة على حرية الإنسان واحترامه، إلا أن التقيد بمعاييرها ضروري إذا اخترنا تطبيقها.
د. عبد الستار قاسم
أيهما أهم على الساحة العامة قومية كانت أو وطنية أو إسلامية: تحقيق رغباتي أم الالتزام بالمبدأ؟ وأيهما يقود إلى الصراع على المستوى العام: التمسك بالمبدأ أم الدفاع عن الرغبات؟
لا يوجد لدي شك بأن التنظيمات الإسلامية بثوبها الفكري القائم تستطيع ممارسة الحكم بنجاح، أو أنها تستطيع إدارة الشؤون العامة بنجاح. وقد سبق أن كتبت مرار بهذا الشأن وقلت إن السبب في ذلك أن الحركات الإسلامية تفهم الدين على أنه كمّ فقهي يراقب سلوك الفرد من زاوية الحلال والحرام، ولا تفهمه على أنه فكر يمكن ترجمته إلى سياسات تهتم بكليات تنظيم المجتمعات والدفع بها إلى الأمام. إنها تهتم بقضايا ثانوية يمكن أن يكون لها معنى على مستوى فردي، لكنها لا تشكل أرضية للنهوض بأمة، وتنظيراتها تتعلق كثيرا بالممارسة الكهنوتية وليس بالممارسة العملية البنائية.
لكن الانتخابات تبقى هي الفيصل فيمن يحكم ويدير شؤون الناس إذا اخترنا النظام الديمقراطي وآلية الانتخابات لاختيار المسؤولين التنفيذيين والتشريعيين. على امتداد الوطن العربي، ملايين الناس تنادي بتطبيق الديمقراطية واعتماد الانتخابات كمنبع لشرعية الحكم، وهم في ذلك يتطلعون إلى نجاح التجربة الغربية كشاهد على إمكانية نجاح العرب في الخروج من الظلم والاستبداد والفساد. وهناك مئات بل آلاف المنظمات غير الحكومية العربية التي تنادي كل يوم بضرورة تطبيق الديمقراطية، وتعتبر أن هذه المسألة جوهر رسالتها من أجل تحرير الإنسان العرب.
بالرغم من ذلك، نحن العرب لم نحترم نتائج الانتخابات في الجزائر وكانت النتائج مقتل عشرات آلاف المواطنين، وإلحاق أضرار كبيرة في المنشآت العامة والخاصة.
وفي الضفة الغربية وغزة لم نحترم نتائج الانتخابات وكانت النتيجة مقتل المئات والانقسام، وقيام الأجهزة الأمنية الفلسطينية بملاحقة الفلسطينيين أمنيا وفي لقمة عيشهم.
والآن جاء دور مصر، ونرجو ألا يحصل اقتتال ونزيف دماء.
وهناك أصوات في تونس تريد أن تتجاوز نتائج الانتخابات.
كنت أرى في الدكتور محمد مرسي رئيسا غير ناجح وغير شجاع، ولم أره يملك رؤية أو فلسفة واضحة في كيفية الإدارة والحكم. وقد ارتكب خطايا فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة، وطلب القروض من الصناديق الدولية، وقطع العلاقات مع سوريا، ورفض إقامة علاقات مع إيران. وارتكب خطايا في أنه لم يلاحق الفاسدين داخل مصر، ولم يقم بما يجب من أجل الحفاظ على تدفق مياه النيل، وانحاز لصالح جماعته في التعيينات الحكومية. لم يقم مرسي بخطوات تجمع شعب مصر حوله، وركز على خطوات تعزز مكانة الإخوان المسلمين.
لكن كل هذا لا يبرر رفض نتائج الانتخابات لما في ذلك من أخطار قد تعرض مصر وشعبها ووحدتها للخطر. كان من المفروض ألا ينظر إلى المسألة من زاوية ظرفية حكمتها التظاهرات الجماهيرية الواسعة، وإنما من زاوية التداعيات المستقبلية التي يمكن أن تترتب على تنحية مرسي واحتجازه. لقد تغلبت العقلية القبلية العربية على محاولة نسخ النظام الديمقراطي الغربي.
لقد أخطأ مرسي في عدم تقديم حل يخرج مصر من الأزمة، وأخطأ خصومه في أنهم استمروا في رفض الحوار بصورة مطلقة.
إذا كنا نحن العرب نبحث عن النجاح، فإن علينا أن نقدم المبدأ على المصالح الخاصة والرغبات، وإلا فإن مرحلة عدم الاستقرار على الساحة العربية ستطول، وسندفع جميعا ثمنا باهظا تبعا لذلك. ومن المهم أن ندرك أن الانتخابات سيف مسلط على رقبة الحاكم، وهي الآلية التي تبعده عن الحكم إن لم يصنع خيرا أثناء حكمه.
هذا علما أنني أعي مقدار الزيغ الذي تعاني منه الديمقراطية الغربية في المحافظة على حرية الإنسان واحترامه، إلا أن التقيد بمعاييرها ضروري إذا اخترنا تطبيقها.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية