نصائح على هامش المجازر! ... بقلم : لمى خاطر

الأربعاء 29 مايو 2013

نصائح على هامش المجازر!

لمى خاطر

يستفزني سماع أولئك المنظّرين من خارج الساحة السورية، الذين يتنعّمون بكل ضروب متعهم الحياتية، فيما يجتهدون في مطالبة السوريين بتحييد الأحقاد ولغة الكراهية تجاه النظام، والتفكّر في معالم المؤامرة الكونية المفترضة التي تستهدف إسقاط النظام السوري!

ويستفزّني أكثر ذلك التسطيح الفجّ للموقف برمّته حين يُحشر في ثنائية النظام في مواجهة المؤامرة، وكأن لا شعب ولا أرض مستباحة وكرامة مهدورة، ولا حقوق ضائعة تستوجبّ الإرجاع، وجديرة بالنضال المرير!

أن يكون لسان حال بعض المنظّرين المصنفين على لائحة المثقفين الوطنيين الحافلين بشأن الأمة هو: ليس مهمّاً أيها السوريون أن يُغتال أبناؤكم وتغتصب نساؤكم وتدمر منازلكم فوق رؤوسكم، وليس مهما أن تعيشوا تحت بسطار الاستبداد عقوداً إضافية، المهم أن تظلّوا واعين للمخططات الأمريكية التي تريد الإطاحة بنظامكم، وأن تهبّوا لافتدائه بأرواحكم إذا ما صدر عن أمريكا مطالبة بتنحيه حتى ويداه تجرفان ما تبقى في رمقكم من حياة.. فهذا كلّه مؤشّر على أزمة أخلاقية حقيقية لدى أصحاب الشعارات (الكبيرة)، وهي كبيرة لدرجة أعمتهم عن استشعار عدم الرغبة لدى أمريكا والغرب بسقوط النظام في ظرف زمني سريع، على خلاف ما فعلت في العراق يومَ كانت واثقة من أن القادمين على ظهر دباباتها سيكونون هم ورثة نظامه (الشرعيون)!

ولكن ماذا لو جرّب أحد هؤلاء الناصحين محتكري الفهم والوعي مثلاً أن يعيش الحالة الشعورية لضحايا النظام؟ وهم بمئات الآلاف (إن لم يكن بالملايين)، أما كان سيختلف حاله ورأيه؟ أما كانت مواهبه الكلامية ستغوص في الوحل المجبول بالدم قبل أن تقوى على المجاهرة بحلولها العدمية؟

لست أدري أية صدفة أو صدمة تاريخية بائسة تلك التي جعلت خيارات الشعوب العربية محصورة بين نظام مستبد ممانع وآخر عميل ديمقراطي! ألا ينفع مثلا أن يحظى العربي بنظام محترم (ليس عميلا) ومتسامح مع شعبه في الوقت ذاته؟ ألا ينفع أن تطالب الشعوب ببديل وطني ولكنّه يَعدّ شعبه بشراً لا بهائم؟! وهل يليق أن يصدر ذلك التسفيه لأحلام الكرامة والحد الأدنى من الحرية عن مثقفين وأصحاب فكر ورأي؟

القضية السورية لا تعوزها المبادرات السياسية، إنما ذلك القدر من الأخلاق الذي يتيح لمن هم خارج المشهد أن يبصروا حجم الفاجعة الحاصلة، بدل الترفع عن أنين الشوارع اليومي بدعوى الالتفات إلى المؤامرة على النظام (الممانع)، وكأن المتآمرين عليه هم من أجبروه على التمترس خلف عرشه، وإفناء كلّ من حلم بلحظة حرية، أو طالب ببديل أكثر عدلاً من القهر المروّسة فصول إجرامه بشعارات الممانعة ومجابهة الاستعمار!

إن من لا زالوا يسقطون من اعتبارهم وجود شعب في سوريا بحاجة دون غيرهم لمن يوقظهم من غفوتهم اللاأخلاقية، وكلّ دعواتهم للخروج من الأزمة بحلّ سياسي ينبغي أن توجه للمظلومين على الأرض السورية، وما أكثرهم، فهم أولياء الدم وأصحاب الشأن، وإن كانوا مقتنعين بعد كل تلك المجازر بأن هناك فسحة للحوار فستتغير الأمور من تلقاء ذاتها، وستهدأ في داخلهم عواصف الضغينة وطلب الثأر إذا ما أيقنوا أن ما بذلوه كان كافياً لتحصيل جزء من مطالبهم! هذا على افتراض أن النظام ومعه حلفاؤه مستعدون للتنازل أو الخروج من الوضع القائم بتسوية مرضية لجميع الأطراف، لأن من رفع شعار (الأسد أو نحرق البلد) وطبّقه بحذافيره وهو يجزّ أعناق المدنيين لا يمكن أن يكون كلامه عن الحوار والحلول السياسية إلا غباراً متطايراً في سماء دمويته.. أما من يأبى الإقرار بحقيقة وطبيعة هذا النظام فليس مؤهلاً لتوزيع نصائح مسلوبة الروح، وليحتفظ بها لنفسه حين يكون مطلوباً منه الالتزام بها في سياق يخصّه!
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية