نصر عبد الكريم: موازنة السلطة جامدة وخالية من أي مضمون
رغم دخول الشهر الثاني من العام الحالي (2015)، لا زالت الحكومة الفلسطينية تسير على غير هدى من موازنة عامة، فإلى الآن لم تُقدم هذه الحكومة مشروعا للموازنة إلى المجلس التشريعي المعطل أصلا لمناقشته، ولا إلى رئيس السلطة لكي يصادق عليه، وتنتظر حتى انتهاء المهلة القانونية مع نهاية الشهر المقبل لتفرض موازنة وضعتها كأمر واقع بلا حسيب ولا رقيب.
الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة بيرزيت الدكتور نصر عبد الكريم، أوضح في حوار مع "المركز الفلسطيني للإعلام"، أن الموازنة العامة الفلسطينية، ومنذ 6 سنوات، لم تقدم إلى رئيس السلطة للمصادقة عليها إلا في ليلة 31 آذار، مع انتهاء المهلة الدستورية التي حددها القانون، ويصادق عليها الرئيس وتصبح نافذة في نفس اليوم، في حين يتوجب مناقشة مشروع الموازنة في شهر تشرين الثاني والانتهاء من إقرارها قبل نهاية العام، لتصبح نافذة مع بداية العام الجديد، مبينا أن هذا التأخير يجعلها تفتقر إلى التخطيط والرقابة.
اختلالات بنيوية
وقال الدكتور عبد الكريم، إن الموازنة العامة الفلسطينية تعاني من اختلالات بنيوية ناتجة عن ظروف نشأة السلطة الفلسطينية ككيان سياسي مشوّه ومنقوص السيادة.
وأضاف أن موازنات الدول تأتي وفق سياقات موضوعية، وإن هذه السياقات بعضها خيارات ذاتية تحددها أولويات الدول، وبعضها الآخر ظروف موضوعية تفرض نفسها، مبينا أن الظروف الموضوعية في فلسطين هي ظروف نشأة السلطة ككيان سياسي مشوّه ومنقوص السيادة، مما يفقدها معظم مفاتيح إدارة الشأن الاقتصادي العام، وهذه الظروف الموضوعية ساهمت إلى حد كبير في أن تظهر الموازنة الفلسطينية كما هي عليه الآن.
ونوه إلى أن الموازنة الفلسطينية لم تتغير بتغير لون الحزب الحاكم، فحكومة سلام فياض مثلا، والتي ضمت عددا كبيرا من الوزراء من قوى اليسار، كانت موازنتها أكثر ليبرالية من حكومة أحمد قريع التي كانت كلها من حركة فتح.
وأوضح أنه في الحالة الفلسطينية، اختفت الخلافات بين الأحزاب على القضايا الاقتصادية وحول أولويات الموازنة، واقتصرت على المناكفات السياسية، وأضاف: "قلما نسمع نقاشا جديا بين الأحزاب حول أولويات الموازنة، وينحصر النقاش والجدال على أمور هامشية".
الجمود
ويقول الدكتور عبد الكريم لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، إن الموازنة الفلسطينية تتصف بالجمود وعدم المرونة وخالية من المضمون، ولا تعكس تفكيرا اقتصاديا، وإنما تأتي نتاج ظرف واقعي، وفي سياق تطور زمني.
ولفت إلى أن العامل الذاتي في صياغة الموازنة -رغم ضيقه- لم يتم استغلاله بشكل جيد، وبقي عبئا إضافيا على الموازنة مثل عبء الاحتلال.
وأكد أنه ورغم كل الشعارات التي ترفع، إلا أنه ومنذ عام 2003 وحتى اليوم، بقيت التحديات المفتوحة بلا أي مخصصات في الموازنة، مثل مواجهة الجدار والاستيطان، ودعم صمود القدس، ودعم الزراعة، وإعادة إعمار غزة، وبقيت هذه التحديات تحديات ورقية وشعارات فارغة لا مضمون لها.
وفي تقييمه للموازنة العامة، أكد عبد الكريم أن الموازنة الفلسطينية تعاني من عدم الاستدامة المالية، وهذا العامل مهم من أجل استقلال القرار السياسي وعدم الخضوع للضغوط.
كما أوضح أن هناك عدم انسجام بين الموازنة والخطط التنموية، علما أن الموازنة هي تعبير رقمي عن الخطط التنموية، وعندما يكون هناك خطة تنموية للسلطة لعدة سنوات، يجب أن تعكس الموازنة في تلك السنوات أولويات الخطة، وتقيس التقدم في تنفيذ الخطة، ويتم تعديل الموازنة على ضوء هذا التقدم.
كفاءة الإنفاق
وفيما يتعلق بكفاءة الإنفاق، أوضح أن المشكلة ليست في حجم الإنفاق العام والذي يشكل 40% من النتاج المحلي، وهي من أعلى النسب بين دول العالم، وإنما في شكل هذا الإنفاق.
وأشار إلى أن معظم الإنفاق في الموازنة هو إنفاق جارٍ، ويذهب إلى النفقات التشغيلية، وفي مقدمتها الرواتب والأجور، في حين أن حجم الإنفاق على البحث العلمي هو صفر، وما يجري من بحث علمي هو بجهد ذاتي من الجامعات وبعض المؤسسات الأجنبية.
كما نوه إلى غياب الحكومة والمساءلة الشفافية في إعداد الموازنة والرقابة عليها، في ظل غياب المجلس التشريعي، وغياب دور مؤسسات المجتمع المدني، وغياب صوت النخب والأحزاب السياسية، وغياب المشاركة الاجتماعية في صياغة الموازنة.
وأكد أن العدالة الاجتماعية الاقتصادية غائبة في الموازنة في ظل نظام اقتصاد السوق الحر الذي تتبناه السلطة.
موازنة بنود لا برامج وأداء
ويؤكد الدكتور عبد الكريم، أن الموازنة بقيت موازنة بنود عمياء صماء، بالرغم من جهود تحويلها إلى موازنة برامج وأداء منذ عام 2010.
ولفت إلى أن إنفاق الحكومة تجاوز موازنة العام 2014 بمبلغ 200 مليون دولار بشكل مخالف للقانون، ولم تأت هذه الموازنة بخطاب موازنة كما هو متبع، واقتصرت على الجداول الصماء، وفي هذا تراجع كبير عن منهج إعداد الموازنات، فجاءت الموازنة نسخة مشوهة عن سابقاتها، وما تضمنه مشروع الموازنة لا يتعدى استعراضا للبرامج ومخصصات الإنفاق الجاري وكشفا بالمشاريع التطويرية، وبقيت الاختلالات البنيوية كما هي منذ عام 2000.
وفيما يتعلق بالاستدامة المالية، أشار إلى أن 80% من نفقات السلطة تتحكم بها جهتان، هما: واشنطن من خلال ممارسة ضغوطها على الدول العربية بتقديم الدعم للسلطة، والثانية الاحتلال من خلال حجز العائدات الضريبية للسلطة، في حين يبقى 70-80 مليون دولار شهريا فقط هي التي تتحكم بها السلطة، وهذا الرقم يشكل 40% من رواتب موظفي السلطة.
وتحدث عبد الكريم عن خلل بنيوي في الإيرادات، فالسلطة تجبي 92% من إيراداتها على شكل ضرائب غير مباشرة تفرض على كل مواطن، مقابل 8% فقط على ضرائب مباشرة على أصحاب الدخل المرتفع.
كما أشار إلى خلل بنيوي في الإنفاق، يتمثل في أن معظم الرواتب والأجور تذهب لقطاعات غير اقتصادية أو اجتماعية، وإنما للقطاع الأمني.
ودعا عبد الكريم إلى إعادة النظر في كل أولويات السلطة المالية (ضريبية وإنفاق)، لتصبح منسجمة أكثر مع أولويات المجتمع الفلسطيني، والسعي لتحقيق الاستدامة المالية، لأن من الطبيعي أن يستغل العدو أي ورقة ضغط بيده، ولكن من غير المقبول أن لا نكون مستعدين.
رغم دخول الشهر الثاني من العام الحالي (2015)، لا زالت الحكومة الفلسطينية تسير على غير هدى من موازنة عامة، فإلى الآن لم تُقدم هذه الحكومة مشروعا للموازنة إلى المجلس التشريعي المعطل أصلا لمناقشته، ولا إلى رئيس السلطة لكي يصادق عليه، وتنتظر حتى انتهاء المهلة القانونية مع نهاية الشهر المقبل لتفرض موازنة وضعتها كأمر واقع بلا حسيب ولا رقيب.
الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة بيرزيت الدكتور نصر عبد الكريم، أوضح في حوار مع "المركز الفلسطيني للإعلام"، أن الموازنة العامة الفلسطينية، ومنذ 6 سنوات، لم تقدم إلى رئيس السلطة للمصادقة عليها إلا في ليلة 31 آذار، مع انتهاء المهلة الدستورية التي حددها القانون، ويصادق عليها الرئيس وتصبح نافذة في نفس اليوم، في حين يتوجب مناقشة مشروع الموازنة في شهر تشرين الثاني والانتهاء من إقرارها قبل نهاية العام، لتصبح نافذة مع بداية العام الجديد، مبينا أن هذا التأخير يجعلها تفتقر إلى التخطيط والرقابة.
اختلالات بنيوية
وقال الدكتور عبد الكريم، إن الموازنة العامة الفلسطينية تعاني من اختلالات بنيوية ناتجة عن ظروف نشأة السلطة الفلسطينية ككيان سياسي مشوّه ومنقوص السيادة.
وأضاف أن موازنات الدول تأتي وفق سياقات موضوعية، وإن هذه السياقات بعضها خيارات ذاتية تحددها أولويات الدول، وبعضها الآخر ظروف موضوعية تفرض نفسها، مبينا أن الظروف الموضوعية في فلسطين هي ظروف نشأة السلطة ككيان سياسي مشوّه ومنقوص السيادة، مما يفقدها معظم مفاتيح إدارة الشأن الاقتصادي العام، وهذه الظروف الموضوعية ساهمت إلى حد كبير في أن تظهر الموازنة الفلسطينية كما هي عليه الآن.
ونوه إلى أن الموازنة الفلسطينية لم تتغير بتغير لون الحزب الحاكم، فحكومة سلام فياض مثلا، والتي ضمت عددا كبيرا من الوزراء من قوى اليسار، كانت موازنتها أكثر ليبرالية من حكومة أحمد قريع التي كانت كلها من حركة فتح.
وأوضح أنه في الحالة الفلسطينية، اختفت الخلافات بين الأحزاب على القضايا الاقتصادية وحول أولويات الموازنة، واقتصرت على المناكفات السياسية، وأضاف: "قلما نسمع نقاشا جديا بين الأحزاب حول أولويات الموازنة، وينحصر النقاش والجدال على أمور هامشية".
الجمود
ويقول الدكتور عبد الكريم لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، إن الموازنة الفلسطينية تتصف بالجمود وعدم المرونة وخالية من المضمون، ولا تعكس تفكيرا اقتصاديا، وإنما تأتي نتاج ظرف واقعي، وفي سياق تطور زمني.
ولفت إلى أن العامل الذاتي في صياغة الموازنة -رغم ضيقه- لم يتم استغلاله بشكل جيد، وبقي عبئا إضافيا على الموازنة مثل عبء الاحتلال.
وأكد أنه ورغم كل الشعارات التي ترفع، إلا أنه ومنذ عام 2003 وحتى اليوم، بقيت التحديات المفتوحة بلا أي مخصصات في الموازنة، مثل مواجهة الجدار والاستيطان، ودعم صمود القدس، ودعم الزراعة، وإعادة إعمار غزة، وبقيت هذه التحديات تحديات ورقية وشعارات فارغة لا مضمون لها.
وفي تقييمه للموازنة العامة، أكد عبد الكريم أن الموازنة الفلسطينية تعاني من عدم الاستدامة المالية، وهذا العامل مهم من أجل استقلال القرار السياسي وعدم الخضوع للضغوط.
كما أوضح أن هناك عدم انسجام بين الموازنة والخطط التنموية، علما أن الموازنة هي تعبير رقمي عن الخطط التنموية، وعندما يكون هناك خطة تنموية للسلطة لعدة سنوات، يجب أن تعكس الموازنة في تلك السنوات أولويات الخطة، وتقيس التقدم في تنفيذ الخطة، ويتم تعديل الموازنة على ضوء هذا التقدم.
كفاءة الإنفاق
وفيما يتعلق بكفاءة الإنفاق، أوضح أن المشكلة ليست في حجم الإنفاق العام والذي يشكل 40% من النتاج المحلي، وهي من أعلى النسب بين دول العالم، وإنما في شكل هذا الإنفاق.
وأشار إلى أن معظم الإنفاق في الموازنة هو إنفاق جارٍ، ويذهب إلى النفقات التشغيلية، وفي مقدمتها الرواتب والأجور، في حين أن حجم الإنفاق على البحث العلمي هو صفر، وما يجري من بحث علمي هو بجهد ذاتي من الجامعات وبعض المؤسسات الأجنبية.
كما نوه إلى غياب الحكومة والمساءلة الشفافية في إعداد الموازنة والرقابة عليها، في ظل غياب المجلس التشريعي، وغياب دور مؤسسات المجتمع المدني، وغياب صوت النخب والأحزاب السياسية، وغياب المشاركة الاجتماعية في صياغة الموازنة.
وأكد أن العدالة الاجتماعية الاقتصادية غائبة في الموازنة في ظل نظام اقتصاد السوق الحر الذي تتبناه السلطة.
موازنة بنود لا برامج وأداء
ويؤكد الدكتور عبد الكريم، أن الموازنة بقيت موازنة بنود عمياء صماء، بالرغم من جهود تحويلها إلى موازنة برامج وأداء منذ عام 2010.
ولفت إلى أن إنفاق الحكومة تجاوز موازنة العام 2014 بمبلغ 200 مليون دولار بشكل مخالف للقانون، ولم تأت هذه الموازنة بخطاب موازنة كما هو متبع، واقتصرت على الجداول الصماء، وفي هذا تراجع كبير عن منهج إعداد الموازنات، فجاءت الموازنة نسخة مشوهة عن سابقاتها، وما تضمنه مشروع الموازنة لا يتعدى استعراضا للبرامج ومخصصات الإنفاق الجاري وكشفا بالمشاريع التطويرية، وبقيت الاختلالات البنيوية كما هي منذ عام 2000.
وفيما يتعلق بالاستدامة المالية، أشار إلى أن 80% من نفقات السلطة تتحكم بها جهتان، هما: واشنطن من خلال ممارسة ضغوطها على الدول العربية بتقديم الدعم للسلطة، والثانية الاحتلال من خلال حجز العائدات الضريبية للسلطة، في حين يبقى 70-80 مليون دولار شهريا فقط هي التي تتحكم بها السلطة، وهذا الرقم يشكل 40% من رواتب موظفي السلطة.
وتحدث عبد الكريم عن خلل بنيوي في الإيرادات، فالسلطة تجبي 92% من إيراداتها على شكل ضرائب غير مباشرة تفرض على كل مواطن، مقابل 8% فقط على ضرائب مباشرة على أصحاب الدخل المرتفع.
كما أشار إلى خلل بنيوي في الإنفاق، يتمثل في أن معظم الرواتب والأجور تذهب لقطاعات غير اقتصادية أو اجتماعية، وإنما للقطاع الأمني.
ودعا عبد الكريم إلى إعادة النظر في كل أولويات السلطة المالية (ضريبية وإنفاق)، لتصبح منسجمة أكثر مع أولويات المجتمع الفلسطيني، والسعي لتحقيق الاستدامة المالية، لأن من الطبيعي أن يستغل العدو أي ورقة ضغط بيده، ولكن من غير المقبول أن لا نكون مستعدين.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية