نفاق بريطانيا وألمانيا
د. يوسف رزقة
الاستيطان هو الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان في أكثر الأحزاب الصهيونية توجهاً نحو اليسار، فكيف يكون الأمر في أحزاب اليمين الصهيوني ؟! الاستيطان حقيقة دولة الاحتلال الثابتة منذ عام 1948م ، وحتى حصول فلسطين على دولة (مراقب) في الأمم المتحدة , وستبقى هذه الحقيقة هي جوهر الصهيونية على مستوى الأيديولوجيا ، وعلى مستوى السلوك العملي والقرار القيادي .
من الخطأ أن ننظر نحن كفلسطينيين نعيش المعاناة منذ النكبة إلى قرار نيتنياهو الأخير بإنشاء (3000) وحدة استيطانية في القدس وما حولها على أنه ردة فعل على توجه عباس إلى الأمم المتحدة وحصول فلسطين على قرار ( مراقب ) ، مثل هذه النظرة الساذجة سطحية ، وتخالف الحقائق ، وتضلل الفلسطيني والعربي على حدّ سواء ، الاستيطان بهذا الحجم أمر مقرر سواء ذهبت فلسطين إلى الجمعية العامة أم لم تذهب, وفي تاريخ الاستيطان ما يصدق ما قلته .
قد تنظر بريطانيا وألمانيا بالغضب أو بالقلق من قرار نيتنياهو الأخير ، لأنه فيما يبدو لهم هو صفعة لئيمة على وجوههم بعد موقفهم المؤيد ل(إسرائيل) والرافض لطلب فلسطين في اجتماع 29/11/2012م ، بريطانيا التي صوتت ضد القرار تشعر بإهانة وابتزاز تقوم به حكومة نيتنياهو ، وهو أمر ليس فيه لياقة دبلوماسية, لذا عبرت عن غضبها ، ولكن غضبها لا يعني تخليها عن تأييد (إسرائيل) .
الموقف البريطاني والألماني قد يكون ردة فعل على قرار نيتنياهو غير الدبلوماسي ، ولكننا كفلسطينيين لا نقر هذه القرارات على قاعدة ردود الأفعال ، فالاستيطان التهم القدس بكاملها وسيطر على أجزاء كثيرة من الضفة الغربية ، وقرار نيتنياهو هذا لن يكون الأخير ، المواطن الفلسطيني لا يشعر باحترام لموقف بريطانيا أو ألمانيا ، وهم لا يختلفون عن أمريكا و(إسرائيل) في العدوان على حقوق الشعب الفلسطيني .
الاستيطان سيزول آجلاً أو عاجلاً، ولكن ليس بالعودة إلى المفاوضات، وإنما بالمقاومة، وعلى من يقمعون المقاومة في الضفة الغربية كفّ يدهم عنها، وأخذ العبرة من درس غزة.
وأحسب أن درس غزة قد اخترق عواصم عربية وإسلامية عديدة، بعد أن اخترق (تل أبيب) نفسها، وثمة فرصة لأن تستعيد المقاومة في الضفة عافيتها، وعندها لن يمتد الاستيطان، وسيضطر المحتل إلى تفكيك مستوطناته بيده كما فككها في غزة.
لا يجدر بالسلطة الفلسطينية أن تشعر بارتياح من الموقف البريطاني أو الألماني، لأن أيّ تصريح يعبر عن ارتياح فلسطيني هو جهل في حد ذاته، وخيانة لمعركة الاستيطان كما يفهمها الفلسطيني .
بريطانيا الحكومة، وألمانيا الحكومة مازالتا تمولان (إسرائيل) وتدافعان عنها في المحافل الدولية، ولم تعتذرا يوماً عن جرائمهما بحق الشعب الفلسطيني .
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية