نكبة فلسطين وسنوات العرب العجاف
وائل المصري
لم يعد أحد يلتفت لقدوم ذكرى نكبة العام 1948 م ورحيلها إلا الشعب الفلسطيني الذي عانى من فصولها ولا زال يقف على خط المواجهة الوجودية مع دولة الكيان الإسرائيلي، فواقع الحال في المنطقة العربية يحرف الاهتمام العالمي بما فيه العربي إلى قضايا أخرى ما كان يجب _على أهميتها_ أن تقفز على قضية العرب والمسلمين المركزية.
تمر الذكرى الـ65 للنكبة الفلسطينية على وقع تراجع عربي عام تُوِج بإعلان حكامنا _أطال الله أعمارهم_ قبولهم لتعديل المبادرة العربية للسلام التي لم توافق عليها "إسرائيل" سابقا ثم لم توافق على التنازل الجديد المتعلق بتعديل المبادرة القديمة.
الرد الإسرائيلي اتجه إلى ثلاثة محاور الأول عسكري عبر قصف سوريا وزيادة الاعتداءات في الضفة والقدس وخرق للهدنة في غزة، والثاني سياسي عبر ما تداولاته وسائل الإعلام من سفر لوزيرة العدل الصهيونية "تسيبي ليفني" إلى أمريكا لإبلاغ صناع القرار هناك برفض دولة الاحتلال رسميا للمبادرة الجديدة، والمحور الثالث كان إعلاميا عبر ما نشرته وزارة الخارجية الصهيونية من افتتاح ممثلية لها في إحدى دول الخليج خلال العامين الأخيرين.
للحقيقة لم يكن مفاجأة أبدا أن تعلن دولة الاحتلال عن افتتاح ممثلية لها في دولة عربية، بل إن الإعلان كان بمثابة التبرير المنطقي لرفض "إسرائيل" للطرح العربي الجديد حيث أنها تتمتع أصلا بعلاقات جيدة سواء سرية أو علنية مع عدة دول عربية فما الداعي لأن تقدم هي تنازلات للحصول على شيء قد استحصلت عليه سابقا؟! فتاريخ بعض الأنظمة والقيادات العربية _التي هلك بعضها_ يثبت أن أياديهم كانت تتصافح بحرارة مع قادة الاحتلال من تحت الطاولة في الوقت الذي كانت تهدر فيه أصواتهم بكل الشعارات الوطنية والعدائية تجاه "إسرائيل" من فوقها.
وللتدليل على ذلك لنا أن ننتقل إلى شرق فلسطين المحتلة حيث الملك الذي وافته المنية عام 1999 م يعترف في مذكراته التي تركها قبل وفاته بأنه ساهم في منع العمليات الفدائية انطلاقا من أراضيه تجاه "إسرائيل"، دون إغفالنا عن ذكر توقيعه لاتفاقية سلام مع دولة الاحتلال في أوائل تسعينات القرن الماضي، وقبل ذلك ما اعترف به قادة الاحتلال وبات معروفا لاحقا بأنه ابلغهم عن هجوم مصري_سوري وشيك لتحرير سيناء والجولان قبيل اقل من شهر على حرب أكتوبر 1973 م.
وغير بعيد عن أجواء حرب أكتوبر 1973 م وما تلاه من زلزال سياسي عندما أعلن رئيس مصر بعد الحرب بسنوات عن اعتزامه زيارة "إسرائيل" لإحلال السلام في المنطقة، لننتقل إلى السودان حينما أيده رئيس السودان حينها في مسعاه معلنا أمام وزرائه رغبته في استباق الزعيم المصري للسفر إلى "تل أبيب" لتطبيع العلاقات بين السودان ودولة الكيان إلا أن رفض كل وزرائه لاندفاعه حال دون تنفيذ رغبته حتى جاء موعد الخلاص من ذاك الزعيم عندما انقلب عليه وزير دفاعه "عبد الرحمن سوار الذهب" _الذي زار غزة مؤخرا برفقة الشيخ يوسف القرضاوي_ لتعود السودان قيادة وشعبا منحازة انحيازا خالصا للقضية الفلسطينية.
انتقالا من السودان ومصر إلى الغرب حيث أحد ملوك العرب في أفريقيا الذي توفي عام 1999 م وما أعلنه الساسة في دولة الكيان _عرفانا له_ عن إسهاماته في تهيئة السلام بين مصر و"إسرائيل" وتسهيله لعمليات هجرة اليهود من بلاده إلى دولة الكيان، وهو الذي في عهده باتت مملكته احد دولتين عربيتين تعترفان رسميا بالماسونية التي أقامت آخر اجتماعاتها العالمية في عاصمة تلك المملكة في مايو من العام الماضي 2012 م.
وقفزا سريعا إلى لبنان عندما تولى أحد الكتائبيين المعروفين رئاسة الجمهورية اللبنانية حيث تم توقيع اتفاقية 17 أيار بين لبنان و"إسرائيل" برعاية أمريكية كانت مقدمة لاعتراف لبناني بدولة الاحتلال، إلا أن الاتفاق لم يصمد سوى بضعة شهور حتى أجبرت القوى الوطنية اللبنانية بدعم الجارة سوريا الرئيس اللبناني حينها وبرلمانه على إلغاء الاتفاقية كرها لا طوعا.
وعن دول الخليج فالحديث عن ممثليات وقنصليات اقتصادية كانت أم غير ذلك لم يكن وليد اليوم بل كانت إحدى الدول تفتتح لها قنصلية وقامت بإغلاقها بعد الحرب على غزة 2009 م، ثم ما نشرته وسائل الإعلام الصهيونية قبل عام عن طلب أميرة في دولة خليجية أخرى العلاج من مرضها في إحدى مستشفيات "تل أبيب" دونا عن سواها من الدول المتقدمة، وقد بلغ كرمها السخي بقرارها بناء مشفى خاص في "إسرائيل" في الوقت الذي تماطل فيه معظم دول الخليج في دفع المستحقات المقررة عليها تجاه فلسطين.
تاريخ حافل بالألم والمهانة العربية التي سطرها الحكام دونا عن رغبة الشعوب التي بقي ضميرها مستيقظا تصرخ حناجرها لفلسطين كما تصرخ لأوطانها.
65 عاما على النكبة والخوف الآن من مؤامرات القيادات العربية على القضية الفلسطينية بمبادراتهم العبثية وتنازلاتهم السخية التي لن ينتج عنها سوى المزيد من التعنت الصهيوني والعربدة المستندة إلى صمت عربي مطبق وتحالف سري بين بعض أنظمتها ودولة الكيان.
وائل المصري
لم يعد أحد يلتفت لقدوم ذكرى نكبة العام 1948 م ورحيلها إلا الشعب الفلسطيني الذي عانى من فصولها ولا زال يقف على خط المواجهة الوجودية مع دولة الكيان الإسرائيلي، فواقع الحال في المنطقة العربية يحرف الاهتمام العالمي بما فيه العربي إلى قضايا أخرى ما كان يجب _على أهميتها_ أن تقفز على قضية العرب والمسلمين المركزية.
تمر الذكرى الـ65 للنكبة الفلسطينية على وقع تراجع عربي عام تُوِج بإعلان حكامنا _أطال الله أعمارهم_ قبولهم لتعديل المبادرة العربية للسلام التي لم توافق عليها "إسرائيل" سابقا ثم لم توافق على التنازل الجديد المتعلق بتعديل المبادرة القديمة.
الرد الإسرائيلي اتجه إلى ثلاثة محاور الأول عسكري عبر قصف سوريا وزيادة الاعتداءات في الضفة والقدس وخرق للهدنة في غزة، والثاني سياسي عبر ما تداولاته وسائل الإعلام من سفر لوزيرة العدل الصهيونية "تسيبي ليفني" إلى أمريكا لإبلاغ صناع القرار هناك برفض دولة الاحتلال رسميا للمبادرة الجديدة، والمحور الثالث كان إعلاميا عبر ما نشرته وزارة الخارجية الصهيونية من افتتاح ممثلية لها في إحدى دول الخليج خلال العامين الأخيرين.
للحقيقة لم يكن مفاجأة أبدا أن تعلن دولة الاحتلال عن افتتاح ممثلية لها في دولة عربية، بل إن الإعلان كان بمثابة التبرير المنطقي لرفض "إسرائيل" للطرح العربي الجديد حيث أنها تتمتع أصلا بعلاقات جيدة سواء سرية أو علنية مع عدة دول عربية فما الداعي لأن تقدم هي تنازلات للحصول على شيء قد استحصلت عليه سابقا؟! فتاريخ بعض الأنظمة والقيادات العربية _التي هلك بعضها_ يثبت أن أياديهم كانت تتصافح بحرارة مع قادة الاحتلال من تحت الطاولة في الوقت الذي كانت تهدر فيه أصواتهم بكل الشعارات الوطنية والعدائية تجاه "إسرائيل" من فوقها.
وللتدليل على ذلك لنا أن ننتقل إلى شرق فلسطين المحتلة حيث الملك الذي وافته المنية عام 1999 م يعترف في مذكراته التي تركها قبل وفاته بأنه ساهم في منع العمليات الفدائية انطلاقا من أراضيه تجاه "إسرائيل"، دون إغفالنا عن ذكر توقيعه لاتفاقية سلام مع دولة الاحتلال في أوائل تسعينات القرن الماضي، وقبل ذلك ما اعترف به قادة الاحتلال وبات معروفا لاحقا بأنه ابلغهم عن هجوم مصري_سوري وشيك لتحرير سيناء والجولان قبيل اقل من شهر على حرب أكتوبر 1973 م.
وغير بعيد عن أجواء حرب أكتوبر 1973 م وما تلاه من زلزال سياسي عندما أعلن رئيس مصر بعد الحرب بسنوات عن اعتزامه زيارة "إسرائيل" لإحلال السلام في المنطقة، لننتقل إلى السودان حينما أيده رئيس السودان حينها في مسعاه معلنا أمام وزرائه رغبته في استباق الزعيم المصري للسفر إلى "تل أبيب" لتطبيع العلاقات بين السودان ودولة الكيان إلا أن رفض كل وزرائه لاندفاعه حال دون تنفيذ رغبته حتى جاء موعد الخلاص من ذاك الزعيم عندما انقلب عليه وزير دفاعه "عبد الرحمن سوار الذهب" _الذي زار غزة مؤخرا برفقة الشيخ يوسف القرضاوي_ لتعود السودان قيادة وشعبا منحازة انحيازا خالصا للقضية الفلسطينية.
انتقالا من السودان ومصر إلى الغرب حيث أحد ملوك العرب في أفريقيا الذي توفي عام 1999 م وما أعلنه الساسة في دولة الكيان _عرفانا له_ عن إسهاماته في تهيئة السلام بين مصر و"إسرائيل" وتسهيله لعمليات هجرة اليهود من بلاده إلى دولة الكيان، وهو الذي في عهده باتت مملكته احد دولتين عربيتين تعترفان رسميا بالماسونية التي أقامت آخر اجتماعاتها العالمية في عاصمة تلك المملكة في مايو من العام الماضي 2012 م.
وقفزا سريعا إلى لبنان عندما تولى أحد الكتائبيين المعروفين رئاسة الجمهورية اللبنانية حيث تم توقيع اتفاقية 17 أيار بين لبنان و"إسرائيل" برعاية أمريكية كانت مقدمة لاعتراف لبناني بدولة الاحتلال، إلا أن الاتفاق لم يصمد سوى بضعة شهور حتى أجبرت القوى الوطنية اللبنانية بدعم الجارة سوريا الرئيس اللبناني حينها وبرلمانه على إلغاء الاتفاقية كرها لا طوعا.
وعن دول الخليج فالحديث عن ممثليات وقنصليات اقتصادية كانت أم غير ذلك لم يكن وليد اليوم بل كانت إحدى الدول تفتتح لها قنصلية وقامت بإغلاقها بعد الحرب على غزة 2009 م، ثم ما نشرته وسائل الإعلام الصهيونية قبل عام عن طلب أميرة في دولة خليجية أخرى العلاج من مرضها في إحدى مستشفيات "تل أبيب" دونا عن سواها من الدول المتقدمة، وقد بلغ كرمها السخي بقرارها بناء مشفى خاص في "إسرائيل" في الوقت الذي تماطل فيه معظم دول الخليج في دفع المستحقات المقررة عليها تجاه فلسطين.
تاريخ حافل بالألم والمهانة العربية التي سطرها الحكام دونا عن رغبة الشعوب التي بقي ضميرها مستيقظا تصرخ حناجرها لفلسطين كما تصرخ لأوطانها.
65 عاما على النكبة والخوف الآن من مؤامرات القيادات العربية على القضية الفلسطينية بمبادراتهم العبثية وتنازلاتهم السخية التي لن ينتج عنها سوى المزيد من التعنت الصهيوني والعربدة المستندة إلى صمت عربي مطبق وتحالف سري بين بعض أنظمتها ودولة الكيان.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية