هل الموقف العربي مع الحق الفلسطيني؟!!
مصطفى الصواف
تحركات حركة المقاومة الإسلامية حماس بقيادة رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل في الساحة العربية خطوات هامة تعزز وجهة نظر الحركة من مجمل الأوضاع الفلسطينية مقابل الصورة المشوهة التي يعرضها محمود عباس عن مواقف الحركة والتي يكررها ليل نهار عبر تصريحاته الإعلامية ولقاءاته مع المسئولين العرب والتي تهدف إلى ضرب العلاقة القائمة بين النظام العربي الرسمي وحركة حماس، ومحاولة تشويه مواقفها وربط هذه المواقف بتحالفات إقليمية غير قائمة إلا في ذهن عباس وحركة فتح بهدف إبعاد حركة حماس عن محيطها العربي والإسلامي وهما يشكلان البعد الحقيقي للقضية الفلسطينية.
موقف حماس من الضروري أن يصل عبر قنوات الحركة إلى كافة المسئولين العرب، وعبر قادتها بشكل مباشر كما يجري الآن، وكما جرى في الفترة الماضية، ويجب على حركة حماس أن لا تركن إلى أن مواقفها واضحة، وليست بحاجة إلى توضيح، وأن الجمهور العربي والإسلامي يعرف جيداً مواقف الحركة ويدعمها معنوياً وجماهيرياً ومادياً، هذا مع أهميته لا يغني على توضيح الصورة أمام القادة والزعماء العرب ممن يفتح أبوابه للدبلوماسية الحمساوية، دون تذلل أو هدر للكرامة.
إن ما طالب به وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل من وفد حماس خلال الزيارة التي قام بها مشعل للرياض بأن توضح حماس هل هي مع الموقف العربي؟، هذا السؤال لم يأت من فراغ؛ بل جاء بعد عملية تشويه شارك فيها مسئولون فلسطينيون وعرب وساعدهم في ذلك العديد من وسائل الإعلام، وفي نفس الوقت موقف حماس ليس غريباً أو مجهولاً بالنسبة لشخصية مثل سعود الفيصل المشهود له بالذكاء السياسي؛ ولكنه سؤال ضروري أن تجيب عليه حماس بكل صراحة ودون دبلوماسية مخادعة، لأن حماس عندما تتخذ موقفاً محدداً تجاه قضيتها وشعبها، هذا الموقف ليس فيه مجاملات وليس فيه حسابات خارج حساب المصلحة الفلسطينية العليا التي لا تتجاوز ثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني.
المفترض من حركة حماس أن تؤكد أنها مع الموقف العربي ما التزم هذا الموقف بحقوق الشعب الفلسطيني الكاملة وثوابته، حماس مع الموقف العربي طالما أنه مساند ومؤيد للحق الفلسطيني وليس موقفاً منساقاً خلف الرغبات الأمريكية، أو خدمة للمشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية القاضية إلى الاعتراف بـ(إسرائيل) من قبل النظام العربي والتطبيع معها، لأن مثل هذا الموقف يجعل العرب أو من يقدم عليه يصطف إلى جانب العدو الإسرائيلي، وعندها لن يكون موقف حماس مع الموقف العربي المفرط بالحقوق والثوابت الفلسطينية، والمقر بشرعية الاحتلال.
يعلم المسئولون العرب أن حماس لم تخرج يوماً من الأيام عن الموقف العربي، وأعني بالموقف العربي الموقف الأصيل المؤيد والمساند والمساعد للفلسطينيين، حماس مع الموقف العربي ما لم يكن موقفاً ضاغطاً عليها من أجل التسليم للاحتلال بحق في الوجود، حماس تريد من الموقف العربي الارتقاء إلى مستوى المسئولية العربية، وأن يكون موقفاً معبراً عن حقوق الشعب الفلسطيني مدافعا عنها، أن يكون الموقف العربي الرسمي متطابقاً مع الموقف العربي الشعبي وليس غريبا عنه أو مخالفاً له.
حماس كما يعلم العرب، أنها لم تكن رقماً زائداً يضاف إلى الأرقام الموجودة على الساحة الفلسطينية، بل جاءت من أجل الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني التي تعب منها البعض وأخذ في الاستسلام للعدو ومسانديه، وعرابيه من النظام العربي الرسمي، فكانت حماس الرافعة للموقف الفلسطيني المدافع عنه والساعي إلى تحقيق الحقوق والتمسك بالثوابت، وتعلم أن ثمن ذلك مزيد من الدماء والشهداء، لأن الحقوق لا تسترد عبر طاولات التفاوض، ولا من خلال الاستجداء من أمريكا أو الغرب، ولكن هذه الحقوق وهذه القضية تختلف عن غيرها من القضايا المتشابهة؛ فلذلك لا يصلح معها إلا طريقة واحدة وهي الدفاع عن هذه الحقوق وطريقة الدفاع هي المقاومة.
والسؤال الذي يجب أن تطرحه حماس على النظام العربي، هل العرب مازالوا مع حقوق الشعب الفلسطيني كاملة دون انتقاص تحت حجج ومبررات الواقعية واختلال موازين القوى وقطبية النظام العالمي؟، فإذا كان الموقف العربي مع حقوق الشعب الفلسطيني، فحماس مع الموقف العربي، ويصبح السؤال لا قيمة له، أما إن لم يكن كذلك فلن تكون حماس ضد مصالح وحقوق وثوابت الشعب الفلسطيني.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية