هل تعلم؟ إلى مناضلي مشروع المصالحة!
لمى خاطر
لا أودّ هنا التحدث عن المصالحة انطلاقاً من رؤية سياسية، ولا بحث ما اعتاد جميع السياسيين على الحديث فيه وهم يهاجمون الانقسام ويراكمون على شماعته كل المآزق الوطنية!
سبق أن قلت إنني سأنتظر نتائج الحوارات واتفاقات المصالحة، وفيما إذا كانت فعلاً سترى النور إن بقيت تسير وفق النسق الاعتيادي التقليدي الذي ظلّت تتنقل ضمن دائرته منذ سنوات.
لكن ثمة تفصيلات دقيقة مهمّة لا بد من تذكير السياسيين بها، مع قناعتي بأن الذي (يده ليست في النار) لن يتوقف مليّاً عندها لتحليل ما وراءها!
- فهل تعلم أيّها السياسي بأن حركة حماس في الضفة ما زالت تُعامل كتنظيم محظور من قبل السلطة والاحتلال على حدّ سواء؟! لا يغرّنّك ما رأيته في ذكرى انطلاقة حماس من حشود خرجت للشارع، فقد سبقها مداهمات احتلالية ليلية كانت تبحث عن الرايات ومجسمات الصواريخ لتصادرها! وتلاها استدعاءات لعدد من الشباب من قبل الأجهزة الأمنية كانت تدور في معظمها حول مصادر تمويل شراء الرايات وطباعة البوسترات!
- هل تعلم أن أي قرش تنظيمي تمتلكه حماس في الضفة يتنازع على مصادرته الاحتلال وأجهزة السلطة؟ وأن امتلاك الأجهزة معلومات حول أي نشاط يعطيها المبرر لملاحقة القائمين عليه بحجة البحث عن مصدر الأموال، حتى لو كانت مبلغاً تافهاً لا يتجاوز العشر دولارات؟!
- هل تعلم أن محمود عباس كان نصف صادق حين قال إننا سنظلّ نلاحق من يبيّضون الأموال ويمتلكون السلاح حتى لو تحققت المصالحة، لكنه جَبُن أن يقرّ بأن المال المقصود ليس (مبيّضا) بل هو المال التنظيمي الخاص بحركات المقاومة مشتملاً مخصصات الأسرى وأهالي الشهداء، وأن السلاح المقصود هو سلاح المقاومة بشتى أنواعه؟!
- هل تعلم أن ضباط الأجهزة الأمنية يقولون لبعض من يستجوبونهم إن المصالحة حبر على ورق، ويقولون لبعض من يحققون معهم في الزنازين الرطبة إنه لو جرت المصالحة في الطابق الأعلى للجهاز فلن تجري هنا؟!
- هل تعلم أن هذا الحال لا يمكن أن ينتهي حتى لو تم تشكيل حكومة وحدة وطنية وحتى لو تم تحديد موعد للانتخابات؟ لأن أجهزة السلطة ملزمة بقرار إسرائيلي بملاحقة المال الحمساوي وبوادر بناء تنظيمها من جديد، ولأن دايتون أعدّها لهذه المهمة لا لسواها، ودرّب كوادرها على ملاحقة (الإرهابيين) وتجفيف منابعهم وليس على حماية أمن المواطن، أي أن مهمتهم حماية أمن الاحتلال وفق ما حددته الاتفاقيات الأمنية وما قررته شريعة دايتون يوم رسمت للأجهزة خارطة طريقها وضخت في هيكلها الأموال والسلاح والخبرات اللازمة؟!
- هل تعلم أنك لو جُبتَ الضفة من شمالها إلى جنوبها فلن تعثر على رصاصة واحدة غير مرخصة من إسرائيل، وأن من يُشتبه بنيته أو استعداده أو رغبته بالانخراط في مشروع المقاومة يعاجل فوراً بطعنة في ظهره بخنجر التنسيق الأمني؟!
فلمَ إذن تم تأخير بحث الملف الأمني؟ ولماذا نجد هناك من يحلم بأن المصالحة ستفضي إلى إنعاش للمقاومة بعد التوافق على استكمالها؟!
بل كيف يسمح سياسي أو إعلامي لنفسه بأن يقرر أن التغوّل الإسرائيلي سببه الانقسام ويجبن عن الإشارة إلى الشروخ التي خلّفها مشروع التنسيق الأمني في أوصال الضفة الغربية؟!
عاجلاً أم آجلاً ستكتشفون أن الطريق نحو الوحدة السليمة الدائمة يبدأ من مربع الأجهزة الأمنية، وسينطلق في اللحظة التي يجري فيها تغيير عقيدتها الحالية، ودون ذلك سيظلّ ما يجري من مباحثات مجرد علاقات عامة لن تقدّم بل تؤخر، وتسهم في تمييع الحقائق، وتشجيع العدمية السياسية خطاباً وممارسة!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية