هل جريمة رفح عنوان المرحلة القادمة ؟
بقلم: مصطفى الصواف
ما حدث في مدينة رفح، أمس، يحمل في طياته تحذيراً خطيراً للمرحلة القادمة ما لم يتم التعامل مع هذه الظواهر بحسم وقوة ودون تردد أو اعتبارات، وإن لم تحسم الأمور بشكل جذري ونهائي وإلا فإن القتل والدماء والاصابات ستكون في كل شارع وبيت، لأن هذه الفئة ليست ضالة فقط، بل هم مجموعات مخترقة أمنياً وتوظف بشكل منظم ومخطط تحت ستار الدين والدين منهم براء.
وحتى نكون أكثر صراحة، إن هذه الظواهر التي تتمسح بالدين والتشدد إنما هي أداة لضرب الوضع الأمني في قطاع غزة، وإفساد حالة الأمن والأمان التي يتمتع بها أهالي القطاع، وهذه الفئات جاءت بعد أن فشل العدو الصهيوني وتحالفه الداخلي والخارجي الدولي والإقليمي في كسر إرادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة, وفشل أعدائها في تحقيق أهدافهم في عودة الانفلات الأمني والفوضى والقضاء على حركة حماس من خلال تشكيل هذه المجموعات التخريبية، والتي يعلمها سكان مدينة رفح قبل سكان فلسطين، ويعرفون تركيبتها والتي جاءت من المطرودين من الفصائل إما لإنحراف، أو لوث فكري دون علم أو فقه، بل لهوى متبع أو حب في الظهور ولو كان على حساب الدين.
ومن ضمن هؤلاء من تحركهم الأحقاد التي يحملونها والأحلام التي يرون إمكانية عودتها، وهم من قادة الفوضى الأمنية والفلتان الأمني الذي ارتاح منه سكان قطاع غزة، واليوم ومن خلال الادعاء بالانتماء إلى مجموعات هنا وهناك، ودخولهم إليه من باب استنساخ هذه الظاهرة ظناً منهم أنهم يمكن أن يقوا أنفسهم من الملاحقة.
نعم، يجب أن نكون أكثر صراحة أن هناك أطرافاً إقليمية تخطط وتدعم مثل هذه الجماعات وتزودها بالخطط والمال والسلاح ، وهذه الأطراف لا يروق لها ما تنعم به غزة من هدوء وصبر واحتمال وتريد أن تدفع بهؤلاء إلى التخريب على كل الصُّعد.
إن هذا الدعي عبد اللطيف موسى الذي حرض على هذه الجريمة يجب أن لا يفلت من العقاب والمحاسبة، خاصة وأنه أعطي العديد من الإنذارات وتحدث معه العديد من العلماء في محاولة منهم أن يردوه إلى رشده، ولكن أصر على الغي والضلال وجمع حوله من استهوتهم شياطينهم وحَّركتهم أحقادهم ليلتفوا حوله ليس حباً فيه أو في الدين ولكن من أجل تنفيذ مخطط شيطاني كبير للنيل من وسطية الإسلام والعودة إلى الفوضى، وقد تكون هذه المخططات جزءاً مما وُعدت به حماس قبل عدة أيام بعد أن فشلت الدبابة الصهيونية من حملهم إلى القطاع مرة أخرى، فأخذوا يبحثون عن وسيلة جديدة ساعدتهم فيها أجهزة مخابرات إقليمية ودولية، والأيام القادمة ستكشف الحقائق وتفضح المخططات الجهنمية التي تديرها هذه الأجهزة المخابراتية وأدواتها المحلية.
من يتحمل مسئولية دماء الشهداء الذين سقطوا على أيدي هذه الفئة الضالة المجرمة، وكذلك القتلى من المضللين المغرر بهم، وهل الهدف المراد من وراء ذلك يساوي قطرة دم واحدة تسيل بهذه الطريقة، وهل هناك منصب في الدنيا أو شهرة أو صيت تعدل هذا الدم المراق دون وجه حق.
يجب على الحكومة وأجهزتها الأمنية أخذ الحيطة والحذر، وأن لا تعطي الفرصة لهذه الظواهر الشاذة والخارجة عن الدين والتي عرف مثلها الإسلام والمسلمون على طول تاريخهم العريق، فهم ليسوا الظاهرة الأولى ولكنها امتداد لظواهر الخوارج وغيرهم، يجب أن لا تمنح هذه الفئات وقتاً لتكبر وتصبح ظاهرة، ويجب القضاء عليها في مهدها، وأن لا يتبع معهم إلا السيف والابتعاد عن الوسائل الأخرى ، لأن هؤلاء يعتقدون أن أساليب الرأفة والمحبة ومنح الفرص ضعف، يجب أن تظهر الحكومة وأجهزتها الأمنية أي تعاطف أو رحمة من هذه المجموعات المنحرفة، وأن تضربهم بيد من حديد، وتنفذ شرع الله فيهم وحد الحرابة مصداقاً لقول الله تعالى [ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ] الآية (33) من سورة المائدة.
مطلوب من المواطنين أن يشكلوا جدار الحماية للنسيج المجتمعي، وأن يكونوا صمام الأمان للهدوء والأمن، وأن يتعاونوا مع الحكومة وأجهزتها الأمنية في الكشف عن أمثال هؤلاء، وأن يراقبوا أبناءهم ويعملوا على حمايتهم من أنفسهم أولا ومن هؤلاء الضالين والمضلين، وأن لا يكتفوا بالانتظار حتى تتحرك الأجهزة الأمنية، لأن كل مواطن يجب أن يكون عيناً للحكومة والأجهزة الأمنية للحفاظ على أمن المجتمع من عبث العابثين والفاسدين المنفلتين والفوضويين.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية