هل غزة أمام رصاص مصبوب ثانية؟
صابر أبو الكاس
بين الفينة والأخرى، تخرج علينا وسائل الاعلام الاسرائيلية المختلفة تُفيد باستعداد جيش الاحتلال لعمليات اجتياح واسعة النطاق في قطاع غزة تكون على غرار عملية الرصاص المصبوب التي وقعت في أواخر عام 2008 وأحدثت دمارا كبيرا في البنية التحتية للقطاع الى جانب ارتقاء أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى.
وإن كان الاحتلال قد عزم بالفعل على القيام بتلك العملية من أجل القضاء على أنفاق قطاع غزة كما يدّعي، فإنه مدعو للتمهل واعادة حساباته مرة أخرى، لأنه حتما سيفشل كما فشل في المرة الاولى، عندما سعى للقضاء على إطلاق الصواريخ من غزة وانهاء المقاومة، حتى بتنا نرى صواريخ المقاومة مازالت تتطاير على رؤوس المستوطنين بينما كان رئيس حكومة الاحتلال السابق ايهود اولمرت يعلن انتهاء عمليته العسكرية.
ان الناظر الى الواقع السياسي والاقليمي اليوم فانه بالتأكيد سيأتيه اليقين أن (اسرائيل) لا تجرؤ على القيام بتلك الفعلة وذلك لأسباب عدة:
أولا: لان خسائر الاحتلال هذه المرة لن تعد ولن تحصى، وهذا ما أكده وزير الحرب الاسرائيلي ايهود باراك الذي توقع اطلاق الفصائل الفلسطينية في غزة صواريخ بعيدة المدى سوف تصل "تل أبيب" وستصيبها بشكل مباشر، بغض النظر عن امتلاك الاحتلال لمنظومة الدفاع الجوي المتمثلة في القبة الحديدية، والتي فشلت فشلا ذريعا في اعتراض أغلب صواريخ المقاومة الفلسطينية.
ثانيا: التطور العسكري الذي شهدته فصائل المقاومة الفلسطينية وامتلاكها لتقنيات حديثة وامكانيات متطورة في مواجهة العدو الاسرائيلي، فقد فاجأتنا صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية بتعرض طائرة حربية إسرائيلية في قطاع غزة لصاروخ مضاد للطائرات من طراز "ستريلا" كانت قد أطلقته كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس لكنه أخطأ هدفه حسبما أفادت الصحيفة.
وان كان قد حدث ذلك بالفعل أو أنه لم يحدث فإنه وبلا شك فإن المقاومة الفلسطينية باتت تمتلك اليوم ما يوجع الاحتلال، وقد بان ذلك واضحا عندما توغلت عدد من الايات والدبابات شرق مدينة رفح جنوب القطاع فأصابتها صواريخ متطورة مضادة للدبابات أطلقتها المقاومة واعترف بها الاحتلال.
ثالثا: ان الواقع الجديد الذي تمر به منطقتنا اليوم حريٌ بحكومة الاحتلال أن تفكر مليّا في خطوتها هذه قبل الاقدام عليها، فعلى سبيل المثال فإن النظام السياسي المصري الجديد لن يسمح بتكرار مواقف سابقة خاطئة بدرت من جهات مصرية رسمية والى جانبها جهات عربية أخرى كانت متواطئة مع المحتل، أعطت للاحتلال الضوء الاخضر في شن أي عملية له سواء كانت برية أو بحرية أو جوية.
ونهاية القول فإن ذلك لا يعني البتّة بأن الاحتلال لن يقدم على عمليات قصف أو تدمير أو اغتيالات في المستقبل القريب، بل ان ذلك متوقع وبشده لكن ليس على غرار عملية الرصاص المصبوب كما يروج البعض أو يشاع هنا وهناك.
بل ستكون عمليات خاطفة لتحقيق مكاسب سياسية اسرائيلية مع قرب انتخاباتهم التي يتسابق بها المتنافسون على دماء أبناء الشعب الفلسطيني، وهذا ما يؤكده تاريخ الانتخابات الاسرائيلية التي يحصد فيها قادة الاحتلال أصوات أكثر بمجازر أكثر أيضا.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية