هل فات الأوان؟! ... بقلم : مؤمن بسيسو

الإثنين 03 يونيو 2013

هل فات الأوان؟!

مؤمن بسيسو

هل فات أوان الاستدراك واتسع الخرق على الراقع إثر الانخراط الكلي لحزب الله في معمعان الأزمة السورية أم لا زال هناك ضوء في نهاية النفق، وبقية من أمل تخفيها شدة وقسوة الأحداث الدموية الدائرة على الأرض السورية العزيزة؟!

لا أحد إلا الله يمكن أن يتنبأ بمآلات الأحداث المفجعة في سوريا، فكل السيناريوهات تبدو مفتوحة على مصاريعها، ولا ثابت هناك سوى الدم العزيز المهراق الذي ينزف بغزارة بعيدا عن قيم الرحمة ومعاني الإنسانية.

لكن أسوأ السيناريوهات التي اختمرت في عقول الساسة والمراقبين على مدار العامين الماضيين لم تكن تجرؤ على تخيل تطور مفاعيل البلوى السورية وامتدادها إلى خارج الأرض السورية، وخصوصا إلى لبنان، ذلك البلد المضطرب المحكوم بفسيفساء السياسة ومعادلة التوازن الطائفي المعروفة.

الصاروخان اللذان سقطا على الضاحية الجنوبية في بيروت التي تشكل المعقل الرئيسي لحزب الله، والهجوم الدموي على إحدى نقاط الجيش اللبناني الحدودية مع سوريا الذي ذهب ضحيته عدد من الجنود، ومن قبلها الاشتباكات الدامية التي جرت في طرابلس، وضعت لبنان بكامله على المحك، وشكلت نقطة تحول رئيسية في مسار الأزمة السورية المعقدة، متشعبة الخلفيات والاتجاهات.

هل ستضرب الفتنة في عمق الأرض اللبنانية من جديد إثر التطورات المقلقة الأخيرة؟!

سؤال خطير تبدو الإجابة عنه طيّ الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، لكن كل الشواهد الواقعية والمؤشرات الميدانية ترجح انجراف الداخل اللبناني، بدرجة أو بأخرى، إلى أتون الأزمة، وتحول بعض المناطق اللبنانية على الأقل إلى مسرح لتصفية الحسابات بين مؤيدي ومعارضي النظام السوري.

من المؤلم أن ينزلق لبنان إلى هاوية الاقتتال الداخلي، جزئيا أو كليا، في الوقت الذي لم يتعافَ فيه بعد من آثار الحرب الأهلية والاعتداءات (الإسرائيلية) التي أحدثت شرخا نفسيا هائلا في تكوينه النفسي والمعنوي ودمرت مقدراته وبنيته التحتية، فيما يستعد البعض لتصفية حساباته مع المخيمات الفلسطينية هناك في متوالية متواصلة من الألم والمعاناة التي كُتبت أقدارها على اللاجئين الفلسطينيين في ديار المنفى والتشرد والشتات.

بين يدي هذه التطورات المتسارعة التي تحاول إشاعة الفتنة في الفضاء اللبناني، وتستهدف إضافة جرح جديد إلى جرح الأمة النازف في سوريا، لا يبدو في الأفق ما يشير إلى محاولات فرملة عكسية لمسار الفتنة والانزلاق إلى الهاوية، ولا يرشح من سيول التصريحات التي تحفل بها الساحة السياسية والإعلامية ذات العلاقة بالأزمة السورية ما يُنبئ عن جهد ما لدرأ الفتنة المذهبية وإعادة رأب الصدع الذي يضرب وحدة أمتنا ويهدد حاضرها ومستقبلها.

لم يفت الأوان بعد، ونزف الدم في سوريا ينبغي أن يتوقف في أقرب وقت، وينبغي أن يبقى لبنان بمنأى عن شبح الفتنة والتمزق والاقتتال، ويجب أن يُصار إلى بلورة أقصى الجهود عربيا وإسلاميا لاستنقاذ سوريا ولبنان، ومعهما وحدة الأمة وقواها الحية من خطر التفتيت والتشظي والانقسام.

صحيح أن الأوان لم يفت بعد، لكن الإيغال في تفاصيل اللحظات الدامية الراهنة قد تقطع خطوط الرجعة أمام الحلول السياسية المتوخاة، وتجعل من استمرار نزف الدماء أمرا واقعا خارج نطاق التسوية والمعالجات.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية