هل يحق لنا أن نعيب على عدونا ديمقراطيته؟؟...بقلم : أحمد أبورتيمة

الأحد 01 يناير 2012

هل يحق لنا أن نعيب على عدونا ديمقراطيته؟؟

أحمد أبورتيمة
يحق لنا في غزة شعباً وفصائل وحكومةً أن نفتخر بالصمود والثبات الذي واجهنا به أعتى آلة عسكرية في المنطقة..ويحق لنا أن نباهي العالم بخمسة أعوام من الصبر والثبات في وجه الحصار الجائر دون تقديم تنازلات سياسية.

ويحق لنا أن نعتز بثقافة الاستشهاد المغروسة في نفوس أبنائنا والتي جعلتنا نتسابق إلى التضحية بالنفس ونحرص على الموت أكثر من حرص أعدائنا على الحياة..

يحق لنا أن نتحدى أعداءنا بإرادتنا وثباتنا وقوة إيماننا مع ضعف السلاح والعتاد الذي نملكه. وأن نعايرهم بخوفهم وهشاشة بنيانهم الداخلي وفرارهم من المواجهة رغم كل ما يملكونه من وسائل قتالية متطورة..

لكن هل يحق لنا أن نعاير أعداءنا بديمقراطتيهم فنقول في خطابنا الإعلامي إن حكومة أولمرت سقطت ولم تسقط حكومتنا..أو أن نقول رحل بوش وبقينا نحن؟!

إن من نواقص البشر في طريقة الحكم هو منطق الثنائيات الذي يصور الناس إما أنهم إيجابيات مطلقة وإما أنهم سلبيات مطلقة..والعدل هو أن نحافظ على الرؤية المتوازنة فلا يجرمنا شنآن قوم على ألا نرى إيجابياتهم وهي موجودة ..ومهما كانت درجة بغضنا لأعدائنا الذين اغتصبوا أرضنا وشردونا من ديارنا فإننا ما ينبغي أن ننزلق إلى الأحكام العاطفية فتعمى أبصارنا عن قراءة واقعهم بموضوعية لاكتشاف عناصر قوتهم..وفي المقابل ما ينبغي أن يغلب علينا حب الذات فنرى أنفسنا خيراً مطلقاً لا شر فيه..بل إن مقتضى العدل الذي أمرنا به القرآن هو أن نرى عيوبنا كما نرى حسناتنا..ونرى حسنات أعدائنا كما نرى سيئاتهم..

في أي خانة يمكن وضع رحيل بوش أو أولمرت..هل في خانة سلبياتهم أم إيجابياتهم؟؟


إن ذهاب أولمرت وبوش وقدوم غيرهم هو دلالة ديمقراطية وتداول سلمي للسلطة، وتقديس لمواعيد الانتخابات، واحترام لإرادة الناخب..ولو لم تكن هناك عملية ديمقراطية لبقي أولمرت ولبقي بوش..لذا فإنه ليس مدعاةً لتفاخرنا أن نقول لقد سقط أولمرت وبوش ولم نسقط..

سيقول قائل ولكن السبب المباشر لسقوط حكومة أولمرت –ونحن نميل لاستعمال كلمة سقوط لأنها تشبع غرورنا-هو هزيمته في الحرب على غزة، وهذا صحيح..ولكن حتى في هذه الحالة أيضاً فهي شهادة للمجتمع الإسرائيلي بأنه يحاسب المخطئ ولا يتهاون معه وأنه يملك آليات للمراجعة والنقد وهذه علامة حياة، ولو لم تكن هناك ديمقراطية في إسرائيل لما رحل أولمرت ولو جلب لدولته ألف هزيمة وألف فشل.

لقد هزمت الأنظمة العربية في حرب حزيران هزيمةً مخزيةً إلا أنها بقيت حاكمةً لعشرات الأعوام بعد ذلك دون محاسبة أو مراجعة، بل إن الأدهى والأمر هو أنهم اعتبروا أن بقاءهم في الحكم هو نصر على الأعداء حتى وإن هزمت الجيوش واحتلت الأرض..

إن خسارة أولمرت في الانتخابات دلالة هزيمة على المستوى التكتيكي، ولكن على المستوى الاستراتيجي فهي دلالة حياة في المجتمع الإسرائيلي ومراجعة دائبة..

يدخل في هذا الباب أيضاً أن ننظر إلى سرعة تغير الحكومات في إسرائيل وتقديم مواعيد الانتخابات بأنه دلالة عدم استقرار سياسي، وهذه الحالة وإن كانت تدل على عدم استقرار سياسي نسبياً إلا أنها تدل على حيوية وديمقراطية في المجتمع، وهي في جميع الأحوال أفضل من حالتنا العربية التي تولد فيها أجيال وتموت والأنظمة ثابتة لا تتغير..

إنني لا أنتقص من صمود المقاومة وثباتها ولكن أدعو إلى أن نفرق جيداً بين ما يستحق أن نفتخر به وما يستحق أن نتأسى عليه.. وألا نعيب على أعدائنا ديمقراطيتهم، لأن هذه بالذات تديننا نحن ولا تدينهم هم..

"والله يقول الحق وهو يهدي السبيل"..

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية