وصفة مصرية لاقتتال فلسطيني داخلي ودور حماس المطلوب ... بقلم : رأفت مرة

الخميس 16 يناير 2014

وصفة مصرية لاقتتال فلسطيني داخلي ودور حماس المطلوب

رأفت مرة

المسؤول الإعلامي لحركة حماس في لبنان

صباح اليوم الخميس 16 كانون الثاني/يناير 2014، نقلت الصحف والمواقع الإخبارية تقريراً أعدته وكالة "رويترز" بعنوان "مصدر مصري: مصر توجّه اهتمامها إلى حماس بعد سحق جماعة الإخوان المسلمين". وينقل التقرير عن مصدر أمني مصري وجود خطّة أعدتها السلطة المصرية للقضاء على حماس أو تحجيمها.

أهم محاور الخطة

ويستطرد المصدر الأمني في شرح أهم محاور الخطة، ونستخلص استناداً إلى تقرير وكالة "رويترز" وعلى لسان المصدر المصدري، المعطيات الآتية:

1- هناك خطة أعدتها السلطة المصرية مدعومة من القوات المسلحة.

2- هدف الخطة "إضعاف حركة حماس في قطاع غزة كجزء من عملية واسعة للقضاء نهائياً على تهديد جماعة الإخوان المسلمين".

3- "رجال الاستخبارات يخططون –لذلك- بمساعدة ناشطين وخصوم سياسيين لحماس لإضعاف مصداقية الحركة".

4- إن هذه الخطة تقوم على إحداث اضطرابات داخل قطاع غزة، تؤدي إلى اقتتال، ينتج عنه ضرورة تدخل طرف ثالث.


التوقيت

قبل التوقف عند توقيت نشر هذه الخطة، لا بد من الإشارة إلى أن وكالة "رويترز" التي نشرت هذا التقرير، هي وكالة أنباء عالمية، لها مصادر قوية، ما يعطي التقرير نوعاً من الجدية والأهمية.

أما توقيت الكشف عن هذه الخطة، فنسجل فيه الملاحظات التالية:

1- إن الكشف عن خطة مصرية جاء مع اقتراب توصّل المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني إلى اتفاق جديد برعاية أمريكية، يتنازل عن الأرض والحقوق، ويفرّط في القدس وحق العودة، ويقبل بالوجود الاستيطاني الصهيوني، ويشرع مجدداً وجود الاحتلال الإسرائيلي، والمطلوب قبيل إنجاز هذا الاتفاق إزالة عقبة أساسية في طريقه، أو إشغالها بنفسها، وحركة حماس بمشروعها المقاوم وتمسّكها بثوابت الشعب الفلسطيني هي أهم عقبة في طريق إنجاح التسوية وضمان تمرير أي اتفاق. لذلك لا بد من استئصالها أو إرهاقها كي تتفرغ لمعارك داخلية ولا تلتفت للقضية الجوهرية.

2- إن الإعلان عن هذا الاتفاق جاء بعد إجراء الاستفتاء في مصر على الدستور، وهو يعني لدى السلطة الحاكمة في مصر تجاوز محطة أساسية، وشعورها بنوع من الاطمئنان يجعلها تلتفت لقضايا مهمة، من أجل تحقيق أهم الأهداف التي جاءت لأجلها.

3- إن التهديد المصري ضد حماس يأتي في ظل عدة تسويات تجري في المنطقة حول ملفات حساسة، وهذا يعني أن فلسطين حاضرة في عمق هذه التسويات، وبالتالي لا بد من شطب جزء أساسي من معادلة القوة الفلسطينية.

4- إن نشر هذه الخطة جاء بعد أسبوعين من زيارة قام بها محمد دحلان إلى مصر، والتقى المسؤولين هناك، وناقش الأوضاع في قطاع غزة. ثم يأتي المصدر المصري ليؤكد أن السلطة المصرية ناقشت الخطة مع جهات فلسطينية.

ملاحظات على الخطة

عند قرائتنا لتقرير "رويترز" الذي ينقل عن مصدر مصري، نصل للملاحظات التالية:

1- إن ما كشف عنه يأتي ضمن حملة شاملة مبرمجة، بدأت ضدّ حركة حماس، منذ وصول السلطة المصرية الجديدة إلى الحكم، وهذه الحملة قامت على أساس التحريض على حماس واتهامها بالتدخل في الشأن الداخلي المصري، وانتقلت إلى فرض حصار شامل على غزة، وأخذت هذه الحملة أبعاداً سياسية وأمنية وإعلامية، كانت كلها مفبركة ومن دون أدلة.

2- إن هذه الخطة المتدرجة تفضح السلطة الحاكمة في مصر، وتكشف نواياها الحقيقية، وتفسر بالتالي حجم التحريض السياسي والإعلامي ضدّ حماس، والذي هدفه توفير المناخ المناسب لبدء الساعة "صفر" للعدوان على حماس وقطاع غزة.

3- الخطة واضحة تمام الوضوح في مسألة خطرة للغاية، وهي إثارة اقتتال فلسطيني داخلي، إذ يقول المصدر الأمني "نعلم أن حماس قوية ومسلحة، لكننا نعلم أيضاً أن هناك جماعات مسلحة أخرى في غزة، ليست على علاقة طيبة مع حماس ويمكن استخدامها في مواجهة حماس".

فالاقتتال الداخلي المحرّض عليه سيؤدي إلى عنف وعنف مضاد، يسيء للقضية الفلسطينية ولصورة الشعب الفلسطيني، ويشوّه سمعة حماس وتاريخها، ويدفع بالمجتمع الفلسطيني إلى تكرار نموذج الصراعات العربية.

4- المصدر المصري يتحدث عن اتصالات مع مجموعات فلسطينية داخل قطاع غزة، لكنه يتكتم عليها وعلى اسمها وعلى رموزها، ما يدل على أنها مجموعات أمنية ستؤدي أدواراً تخريبية.

فلو كانت هذه المجموعات نظيفة ولها أهداف مشروعة، ***اذا لا تعلن عن نفسها، وتمارس عملها السياسي بشكل معلن مثل كل القوى الفلسطينية التي تعمل بحرية.

5- إن المصدر الأمني المصري يصور الصراع في قطاع غزة وحاجات الناس على أنها كما يقول "كل ما يريده الناس هو الطعام والشراب"، وهذا يفضح أسباب الحصار المصري على قطاع غزة، الذي يتزامن مع حصار إسرائيلي، وهدفه طبعاً التضييق على الناس، كي تنتفض على حركة حماس، فتحدث اضطرابات اجتماعية ترغم حماس على مغادرة مواقعها، وتتجاهل الخطة أهم حاجة للشعب الفلسطيني وهي التخلص من الاحتلال.

6- إن هذه الخطة تكشف بوضوح عن حقيقة من يتدخل في شأن من، فنحن كنا نسمع عن تدخّل حماس في الشأن المصري من دون أدنى دليل، لكننا اليوم نسمع ونقرأ ويثبت لنا بالدليل أن السلطة الجديدة في مصر هي التي تتدخّل في قطاع غزة، وفي المجتمع الفلسطيني، وتخطط لإسقاط حكومة منتخبة، وتسعى للمواجهة مع تنظيم فلسطيني له تاريخه وأنصاره وحضوره في الوسط الفلسطيني وفي الأمّة.

هذه الخطة التي كشفت عنها وكالة "رويترز" ليست مفاجئة، فكل من يقرأ أسباب التغير في مصر يعرف أهدافه الحقيقية، ويدرك حقيقة الدور المطلوب من السلطة الحاكمة أن تؤديه.

وهنا نسأل عن حقيقة الأهداف والمصالح المصرية العليا من وراء هذه الخطة، ومن هي الجهة التي تستفيد منها.

وأمام تعذّر الاحتلال الإسرائيلي عن مهاجمة قطاع غزة لاجتياحه بالكامل، وإسقاط الحكومة الفلسطينية وضرب المقاومة، وأمام ضعف سلطة محمود عباس عن القيام بهذا الدور، يأتي طرف ثالث ليقوم نيابة عن الإسرائيليين بإطلاق ما يسميه "الشرارة الأولى". ويضيف "العالم لن يقف ساكناً ويسمح لحماس بقتل فلسطينيين.. سوف يتدخل أحد ما"، وهو إشعار بتوجيه "الجيش المصري" لقطاع غزة.

إننا وإذ نؤكد أن هذه الخطة هي خطة إسرائيلية بالكامل، تنفذ مصالح صهيونية عليا، فإننا نذكّر بأن حركة حماس لم تتدخل في الشأن المصري، ولم تقاتل أي عربي، لكن من حق حماس والشعب الفلسطيني أن يدافعوا عن أنفسهم، وأن يتصدوا لأي قوة تستهدف مشروع المقاومة الذي دافع عن الأرض الفلسطينية وعن الفلسطينيين وحقوقهم، وتمسّك بالثوابت الوطنية.

إننا أمام مخطط جديد اسمه فتنة فلسطينية فلسطينية، وفتنة مصرية فلسطينية، وهو ما يبشرنا به هذا النظام الجديد في مصر.

لكن غزة التي تصدّت للغزاة وأهلكتهم، ستعرف كيف تتصدى لأي غاز جديد مهما كان اسمه وصفته وجنسيته.

إن هذه الخطة لا تعبّر عن روح مصر الحقيقية ورسالة شعبها، وتختلف عن دور مصر وموقعها الحقيقي كسند تاريخي للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. وهي تتناقض مع التزام الشعب المصري بفلسطين ورفض الاحتلال وعدم الاعتراف بوجوده ومعارضته للتطبيع.

إن ما بين مصر وفلسطين وشعبيهما لن تستطيع فئة أن تلغيه، وإن حماس لن تحيد عن مشروعها المقاوم ضدّ الاحتلال، وبندقيتها ستبقى موجهة إليه.

وإن حركة حماس معنية اليوم أكثر من أي وقت مضى في إفشال هذا المخطط، ووأده قبل أن يولد، من أجل فلسطين وشعبها، كما هو من أجل مصر وشعبها.. وأيضاً من أجل ألا تهدم مجموعة جاءت في ظروف حرجة ما بين الشعبين من أواصر وتاريخ مشترك.

مرة جديدة، عليك يا حماس دور استثنائي، أيتها المؤتمنة على الثوابت.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية