علي الطعيمات
صفقة «وفاء الأحرار» التي فاجأت الجميع بما حملته من تحقيق الغالبية الساحقة من مطالب وشروط حركة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تمثل خرقاً استراتيجياً للاءات الإسرائيلية ذات الصلة بالدم الإسرائيلي، وتنازلاً إسرائيلياً غير مسبوق، وتمثل في ذات الوقت درساً بليغاً وعملياً للمفاوض الفلسطيني.. فهكذا يكون التفاوض، وهكذا تكون النتائج.
وصفقة تبادل الأسرى أو صفقة «وفاء الأحرار» كما أسمتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)» والتي تحقق نحو تسعين بالمائة من مطالب وشروط المقاومة الفلسطينية وحررت الكثير من قادة المقاومة، ونحو 300 أسير من المحكوم عليهم بالسجن المؤبد بل وبعضهم محكوم بمؤبدات عدة، ويمثلون كافة فصائل المقاومة الفلسطينية في رضوخ إسرائيلي أو «تنازل» غير مسبوق لم يقدم العدو الصهيوني على مثله من قبل، تؤكد حقيقة أن العدو الإسرائيلي لا يرضخ إلا للقوة، والمقاومة أمضى الأسلحة وأقواها، كانت هي الأقوى، في هذا الملف، كما هي في كل الملفات التي تتطلب التضحية والإيثار لمصلحة الوطن والشعب، فحققت خلال خمس سنوات مما يمكن أن نسميه «مفاوضات غير المباشرة»، عبر طرف ثالث أو حتى طرف رابع، مفاوضات مضنية دفعت خلالها أثماناً غالية وقاسية، كان من بينها «حظر المقاومة بالضفة» ومطاردة أبطالها وزجهم في السجون، من قبل سلطة رام الله».
حققت هذه المقاومة الممنوعة في الضفة ما لم تستطع أن تحققه مفاوضات تواصلت على مساحة تزيد على عشرين عاماً، مفاوضات مباشرة وغير مباشرة وعبر مساقات وابتكارات الإلهاء والعبث من كل صنف بين هذا العدو وسلطة رام الله التي كانت مخلباً للعدو لشل المقاومة بالضفة عقاباً لها على عملية أسر الجندي الصهيوني جلعاد شاليت التي حررت أكثر من ألف أسير، وأطلقت سراح كافة الحرائر الفلسطينيات من سجون الاحتلال.
هذه الصفقة الانجاز، تجسد حقيقة أن خيار المقاومة الذي تتجاهله قيادة السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية ومعها الأنظمة العربية التي ما زالت تردد أن «الخيار التفاوضي» هو الخيار الاستراتيجي والوحيد لـ «التحرير» مسقطة كل خيار آخر فيما العدو الإسرائيلي متشبث بكافة الخيارات باستثناء «خيار العرب الاستراتيجي والوحيد»، إنه الخيار الأمثل والأقدر على «التحرير» وأنه الخيار الذي لا يفهم العدو الإسرائيلي خياراً غيره ولا يستمع إلى خيار آخر غيره، فالأسرى بالآلاف، والمطالبات من العرب أو من «أصدقاء» دولة الاحتلال لم تنقطع للإفراج عن مجموعة منهم إبداء لحسن النوايا أو ما يسمى كذلك ولتخدير الموهومين بإمكانية تحقيق اختراق في «المفاوضات» تتلغم بالمستوطنات، لـ «دعم» خيار رئيس السلطة ولكن لا صوت مسموعاً من هذا العدو للضعيف والمستسلم..
فصفقة «وفاء الأحرار» يجب أن تكون محطة لكل القيادات الفلسطينية للمراجعة والعمل على إعادة اللحمة للصف الفلسطيني وإعلاء شأن الأولويات الوطنية الفلسطينية وتعظيمها قولاً وفعلاً، وأخذ العبرة والدروس والحكمة، بل ويجب أن تكون محطة للأنظمة العربية لمراجعة السياسات والتوجهات والعودة إلى الخيارات الأخرى التي تمثل أمضى الأسلحة وأقواها وعلى رأسها المقاومة بكافة أبعادها وأشكالها المتعددة والتي لا تقتصر فقط على المقاومة المسلحة التي حققت أبرز وأعظم الانجازات التي حققتها المقاومة الفلسطينية حتى الآن.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية