وماذا عن المجلس التشريعي الفلسطيني ...بقلم : النائب باسم الزعارير

الإثنين 28 نوفمبر 2011

وماذا عن المجلس التشريعي الفلسطيني

النائب باسم الزعارير


أول انتخابات تشريعية في العالم العربي يشهد لها بالنزاهة والشفافية هي انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 حيث شهد لها بذلك جميع المراقبين والأطراف الدولية المهتمة بالشأن الفلسطيني.. والتي أفرزت فوز حركة حماس بنسبة تزيد عن 60% من المقاعد البرلمانية إلا أن جميع الأطراف الدولية والمراقبة للحدث رفضت نتيجة الانتخابات لأن الديمقراطية التي ينادي بها الجميع قد أفرزت الإسلاميين.

فأمريكا مثلاً والغرب يتغنون دائماً بالديمقراطية ويزعمون وقوفهم مع حرية الشعوب والعدالة والمساواة... إلخ، لكنها تنكرت لقيم الديمقراطية عندما وجدت أنها لا تصب في مصلحتها في فلسطين.

لكن الأغرب من الموقف الدولي كان موقف السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة فتح.. أما السلطة وعلى رأسها السيد "محمود عباس " فقد بدأت تحشد القوى داخل مؤسسة الرئاسة حتى جعلت منها مؤسسة متضخمة توحي بأن هذا السلوك هو اعتبار للرئاسة معقلاً أخيراً لا بد من التمسك به وتضخيمه وبدأت معركة تنازع الصلاحيات بين الرئاسة الفلسطينية من جهة والحكومة الفلسطينية والمجلس التشريعي من جهة أخرى وأصدرت المراسيم والقرارات بقانون بكثرة واستحدثت سلطات جديدة لنزع الصلاحيات من الوزارات.

أما حركة فتح فقد بدأت بداية سلبية في التعامل مع المجلس التشريعي والحكومة التي سيفرزها فمن عزم على ترك حماس لوحدها في الميدان إلى خطة المائة يوم لإفشال الحكومة إلى الإضرابات والمظاهرات والعصيان المدني الذي مارسه جيش موظفي حركة فتح داخل السلطة الفلسطينية، كما تطور الحراك الفتحاوي ضد الحكومة والمجلس التشريعي إلى الاقتحامات المتكررة لمقر المجلس أثناء عقد الاجتماعات واختطاف بعض النواب وتهديد آخرين بالقتل.

وقد كان المجلس التشريعي الفلسطيني صاحب الدعوة الأولى للحوار من خلال رسالة رئيس المجلس إلى السيد رئيس السلطة ببدء حوار شامل والذي أسفر أخيراً عن توقيع وثيقة الوفاق الوطني التي سميت " وثيقة السجون ".

لم تأت رياح الانتخابات والديمقراطية الفلسطينية بما تشتهي سفن الغرب والاحتلال ولا حتى السلطة الفلسطينية إذ إن الانتخابات قذفت بحركة حماس من موقع المعارضة إلى موقع قيادة الشعب الفلسطيني وهذا ما جعل الجميع يدبرون ويكيدون لها ويضعون خططاً تفوق حجمها وإمكانياتها.

كما أتت عملية اختطاف الجندي الإسرائيلي " جلعاد شاليط" على اقدام الاحتلال على خطف جميع نواب الضفة ووزرائها وأودع المجلس التشريعي السجون وفصل بينه وبين مهامه التي انتخب من أجلها، وأغلقت أبوابه في رام الله سنوات عدة بحجة الانقسام السياسي ومنع رئيس المجلس التشريعي من دخول مكتبه عندما أفرج عنه من سجون الاحتلال عام 2009..ومورس الإرهاب بحق نواب المجلس التشريعي من خلال حملات التشويه ضدهم والاعتقال لأبنائهم وذويهم وضد من يحدثهم في الشارع وتم تهديد وسائل الإعلام إذا اتصلت بهم في محاولة لعزلهم تماماً عن الجمهور الذي انتخبهم.

عندما خرجت الورقة المصرية للمصالحة إلى النور كان من أهم بنودها تفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني وقد أعلن مراراً عن عزم فتح وحماس لإجراء المصالحة وتنفيذ بنودها منذ التوقيع على ورقتها في مطلع أيار الماضي حيث اتفق على إجراء الانتخابات بعد عام من ذلك التاريخ مع التأكيد على تهيئة الظروف المناسبة لإجرائها.

لم يحدث أي إجراء بذلك يدلل على نية السلطة في تهيئة أجواء مناسبة للانتخابات، فالمعتقلون السياسيون ظلوا على حالهم والمفصولون والمؤسسات التي صودرت من قبل السلطة وهي تقوم بفصل موظفيها الذين أمضوا فيها سنين طويلة، أما المجلس التشريعي فلم تفتح أبوابه للاجتماعات رغم دعوة رئيس المجلس لذلك، وها نحن بعد أكثر من ستة أشهر ( أكثر من نصف المدة المتفق عليها ) نرى أن لقاء عباس مشعل أكد على إجراء الانتخابات في موعدها ولم يأت على ذكر المجلس التشريعي.

وهنا أود أن أطرح مجموعة من الأسئلة والاستفسارات على كل من فتح وحماس:

أولاً : ألم تذكروا أن المجلس التشريعي الفلسطيني هو صاحب الدعوة الأولى للحوار الوطني الفلسطيني ولم يكن يوماً سبباً في الانقسام بل أن أحد أهم عوامل الانقسام هو تغييب المجلس التشريعي والحيلولة دون قيامه بدوره المنوط به دستورياً ولكي لا يسهم في إنهاء الانقسام الفلسطيني؟!.

ثانياً : لماذا يراد للمجلس التشريعي الفلسطيني أن يغيب عن الساحة علماً بأن تفعيله هو عامل ضروري للمصالحة ولعودة الأجواء الإيجابية لإجراء الانتخابات. فهناك ضرورة لأن يواجه المجلس التشريعي جمهوره ويسمع لمظالمه ويحل إشكالياته، كيف تكون مصالحة في ظل عزل المؤسسة الشرعية التي انتخبها الناس.

ألم يحدث في سنوات الانقسام الكثير الكثير من الاجراءات التعسفية والمخالفة للقانون الأساسي والنظام مثل مصادرة الحريات والملاحقات والاعتقالات والفصل الوظيفي على خلفية الانتماء السياسي... وهل حكومة التكنوقراط ستكون أكثر شرعية من مؤسسة منتخبة ليقال أن حل هذه الأمور من مهام الحكومة.

ثالثاً : المراسيم والقرارات بقانون التي اتخذت في غياب المجلس و بذريعة الانقسام أليس من حق المجلس أن تناقش هذه المراسيم تحت قبته.

رابعاً : ما جرى من مخالفات وتجاوزات في المجال الاقتصادي مثل الاستثمارات الضخمة في المستوطنات وإقرار بيع الأراضي لغير الفلسطينيين وغير ذلك، أليس متابعة ذلك والتحقيق فيه هو من مهام المجلس التشريعي.

إن المرحلة القادمة التي تسبق الانتخابات الفلسطينية هي مرحلة خطيرة ومهمة تحتاج إلى تضافر كل الجهود لا أن يتم القفز عن المؤسسة الشرعية في الوطن فنحن نريد أن يتم تكريس الأسس الوطنية ومصلحة شعبنا وحريته وليس كلاماً اعلامياً ولقاءات مصافحة وتفاهمات تشبه تبادل السفراء والاعترافات المتبادلة أو التعايش من أجل تمرير مرحلة.

فهل هي مصالحة حقيقية؟ فلتبدأ خطواتها من اليوم ولنعط اهتماماً للوقت ونحل جميع الإشكاليات وعلى رأسها إطلاق سراح المعتقلين وتفعيل المجلس التشريعي فوراً وإلا فالمصالحة:

أمل في فم الأماني حلو ليس لنا منه قلامة ظفر
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية