يا له من جيل لو أن له قضية ... بقلم :د. ديمة طهبوب

الأحد 26 مايو 2013

يا له من جيل لو أن له قضية

د. ديمة طهبوب

13 ألف مشارك في مسابقة «أنا أردني والأقصى مسؤوليتي»
12 ألف حافظ للقرآن الكريم في المملكة
23 مليون «لايك» أردني يوميا و16 مليون رسالة على الفيسبوك
30 مشاجرة جامعية خلال شهرين تودي بحياة ستة مواطنين
الجامع بين الأخبار السابقة في أحسنها وأسوأها وأغربها أن أبطالها وصناع الحدث فيها من فئة الشباب، وهم الفئة الأعرض والأوسع في مجتمعنا الأردني الذي يعتبر مجتمعا فتيا يغلب شبابه على كهوله، وهي حقيقة كانت لتشكل مصدر ثروة كالثروات المعدنية والنفطية لو كان هناك من يريد استثمارها وتشغيلها، فالذهب الأسود والذهب الأصفر حتى رقاقة الكمبيوتر لن يكون لهم أهمية لولا البشر، ولا بد من الاعتراف أن جيل الشباب الحالي واهتماماتهم بالمطلق ليس كجيل الآباء الذي عايش الحروب والغربة والفقر، وبنى نفسه بشق الأنفس، فأغلب الجيل الحالي يحمل اهتمامات مختلفة وهو مُعال لا معيل، فالأب والأم يكدان لتأمين ما يريده أولادهم على الأغلب دون مساعدة أو مساهمة منهم، وأنماط الاستهلاك ووسائل الإعلام وبالذات برامج الشباب وضعف التربة والتعليم والمناهج وغياب الأنشطة وخدمة المجتمع ساعدت على وجود حالة عامة من اللامبالاة وعدم الجدية، والطلاب يتخرجون من المدارس والجامعات بمحو الأمية في القراءة والكتابة والحساب، ولكن بأمية ثقافية وسياسية واجتماعية؛ لذا يكون ما انتشر من عنف وجهالة تحصيل حاصل تضافرت معه عوامل أخرى لأيدٍ تلعب في الخفاء تريد قصدا تجذير حالة الانقسام والصراع في المجتمع حتى تمسك بزمام الأمور، فالجاهل يسهل تسييره كالدمية والعاقل لا يستخفه الرعاع ولو كانوا أغلبية.

ولكن الأخبار المقتبسة في المقدمة تدلل بالتجربة أن الجيل والشباب بالذات أرض خصبة ومادة قابلة للتشكيل بيد القائمين عليها أسريا واجتماعيا، فإذا كان التوجه نحو تفعيلها فسنجد نتائج مذهلة في الاهتمام بأعظم القضايا، وإذا أهملنا الغرس تحول الشباب من بناة للغد وأصحاب للفكر وجنود للوطن الى غثاء همجي في عالم الاتصالات والتكنولوجيا وعصاة بيد راع جاهل يظن أنه يحسن سوق القطيع، بينما يوردهم المهالك.

قالوا قديما في معرض السخرية من أحوال الشباب «يا شباب الرينة كل عشرة بقطينة، وعدي رجالك عدي من الأقرع للمصدي، وعندي ولد بسوى بلد بنام الجمعة وبصحى الأحد»، وقالوا عن الجيل «جيل دعدع بوكل ما بشبع بروح ما برجع بتناديه ما بسمع».

ولكن التعميم خاطئ فكل جيل كالسيل الهادر يمكن أن يكون خرابا ويمكن أن يكون بناء وخيرا لمن أحسن شق الجداول له وجعله يجري في الأرض حياة وعلما وعملا.

في أوروبا يتمنون أن يتشجع مواطنوهم على الإنجاب حتى يتخلصوا من لقب القارة الهرمة.

وفي «إسرائيل» يدفعون المال ليشجعوا على الإنجاب لأنهم يرون القنبلة الذُرّية مهمة بقدر القنبلة الذَرّية.

أما نحن فمرزوقون بالشباب بغير جهد ومع ذلك لا نراهم شيئا لا ثروة ولا قوة، ونوكل تربيتهم لمن لا يحسنون صنعا فنجد جيوشا تنتظر دورها في مسابقات الأغاني بدل أن يكونوا في ساحات التحرير والتغيير والاصلاح في بلدانهم بعد الربيع العربي أو عاطلين يتلهون في العالم الافتراضي دون أن يكون لهم بصمة، أو عصابات الشوارع ينتظرون نظرة او كلمة ليشعلوا حرب البسوس.

وصدق الشاعر:
جيل بلا عقيدة ورق تذريه الرياح
ويبقى خيّرون ممن رحمهم ربهم اللهم زدهم وباركهم
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية