يحيى عياش فينا ما زال اسماً تحمله الأجيال ... بقلم : فؤاد الخفش

السبت 04 يناير 2014

يحيى عياش فينا ما زال اسماً تحمله الأجيال

فؤاد الخفش

كثيرة هي التواريخ وكثيرة هي الأحداث التي مر بها الشعب الفلسطيني منها ما نسي ومنها من لم تستطع الأيام أن تنسينا إياه، ومن هذه التواريخ والأحداث ذكرى استشهاد المهندس الأسطورة يحيى عياش صاحب الاسم الأكثر شهرة والأسطورة التي أرعبت المحتل على مدار سنوات عدة، صاحب مدرسة الاستشهاديين يحيى عياش اسم له وزن ووقع خاص بالنفس.

لا أريد أن أتحدث عن يحيى في ذكرى استشهاده ولن أعدد مناقبه ولا عملياته ولا لن أمدح من شهادتي بحقه لا تقدم ولا تؤخر، وسأتحدث عن بيت يحيى الذي تربى فيه والمكان الذي خرج منه ليسمع صوت المقاومين في الأرض ويقول أن الإرادة اقوى من أية قوة.

شرفني الله بزيارة منزل الشهيد يحيى عياش مرات عدة وفي كل مرة كنت أتحسس بنظري تفاصيل المكان وشكل المنزل وانظر إلى والد ووالدة يحيى حفظهما الله محاولا أن افهم السر أو أفسر المعادلة التي خرج منها يحيى، ولطالما كنت استمع بشغف لكل من التقى يحيى وعرفه، كنت استمع بإعجاب لكل ما يقال عن الرجل، كل ذلك لكي افهم ظاهرة يحيى عياش ومدرسته التي أصبح هو ربانها وسيدها بدون أي منافس.

البساطة والتواضع هو سيد الموقف في منزل يحيى عياش فإذا ما قدمت إلى فناء البيت وللوهلة الأولى يلاقيك الوالدان بالترحيب والتأهيل والابتسامات والسلام، استقبال ما بعده استقبال مجرد ان يروك إلى أن يودعوك وهم يقولون لك أهلا وسهلا شرفتنا حياك الله، ومن هذه الكلمات التي تشعرك بالراحة والطمأنينة وما أن تدخل ذلك البيت البسيط المتواضع وتجلس في وسط غرفة الاستقبال حتى تستشعر معنى التواضع والبساطة، فبيت رجل بوزن يحيى قد يخيل للبعض انه قصر شامخ وان أثاثه غالٍ ثمين وهذا ما تكذبه عينيك بمجرد دخولك هذا البيت، تجد الحصيرة بدل السجاد والأثاث البسيط لتستشعر كم هم يزهدون بالدنيا، جدر منزل يحيى تتزين بصوره تارة يداعب ولديه وأخرى يحمل السلاح وثالثة يقبل رأس أمه ورابعة يعانق أباه في براويز غاية في البساطة، وإذا ما دققت النظر تجد (مكنسة القش) المصنوعة من الذرة مسندة على احد الجدران لا يستخدمون مكانس الكهرباء كل شي من حولك يشير إلى البساطة والتواضع وضعف الحال.

وبالعودة للحديث عن والد ووالدة يحيى، وهنا سر من أسرار يحيى تجد الطيبة وحسن الملقى والاستقبال نظرت إلى أصابع أم يحيى ووجدت كيف أن أعمال البيت والفلاحة شققت رؤوس أصابع أم يحيى، وشعرت من خلال ثوبها الفلسطيني الملون بالأسود والأحمر كم هي تعشق التراث، حركاتها العفوية وهي تعيد ترتيب منديلها للتأكد بعدم خروج أي شعرة من شعر رأسها تشعرك بعظم هذه المرأة، كلماتها وفخرها بيحيى لا تستطيع أن تخفى دمعاتها وشوقها على المهندس الذي اغتيل في ريعان الشباب، ولا يبدد هذه الدمعات إلا ذكر رابين الذي مات بحسرته قبل أن ينال من يحيى وبيرس الذي سقط في الانتخابات بسبب عمليات الثار ليحيى وما بين كل كلمة وكلمة تقول لك كلمة (يمه) يا الله ما أزكى وأطيب هذه الكلمة من أم يحيى. في جابنها الحاج أبو يحيى بزيه الفلسطيني (الدماية) يضع على وسطه قشطا خاصا ويرتدي حذاء من ذلك الموديل القديم، لا يبدد تجاعيد وجهه إلا ابتسامته العريضة كلما رحب بنا، يحدثك عن سجنه ومكالمته الأخيرة مع يحيى وصوت الانفجار ولحظة اعتقال أم يحيى وعمليات المداهمة والتفتيش للبيت، وشوقه لزيارة قبر ولده في غزه وحنينه للقياه بالجنان. الحديث مع هذه العائلة لا ينتهي وتقديم الشاي والقهوة وكل ما هو متوفر في البيت يشعرك بدفء خاص وكرم أصيل، تستطيع بعدها أن تفهم سر ظاهرة يحيى حيث لا ألوان الا الألوان الطبيعية،ولا تنميق للكلمات ولا تظاهر وتصنع، هي البساطه وهو التواضع وهي الآخرة التي تبتغى ويسعى إليها لا ترف الدنيا وزخرفها.

أسأل الله أن أكون قد وفقت بإنارة شمعة بجانب سيره سيد الشهداء صقر الكتائب يحيى عياش، واسأل الله أن يجمعنا به في مستقر رحمته، والى ذك اليوم لك مني سيد الشهداء سلام وتحية وألف قبلة لرأسك وتلك اليدين التي صنعت لنا عزا ومجدا نتوق إليه.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية